موضوع: كسب عشر ملايين حسنـَﮧ باذن الله الخميس يوليو 12, 2012 11:06 pm
[center]فقه الصلاة
إن الحٍمَدٍآللـّہ نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , أما بعد
فإن الصلاة ثاني أركان الإسَلإمَ , وأهم عمل من أعماله ,, وإن ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة , فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر ) ,, كما أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وءاله وسلم .
وإن لهذه الصلاة أركانا وواجباتٍ وسننا , لا يعلمها كثير من المسلمين , فيقعون بذلك في أخطاء عظيمة قد تضيع صلاتهم بالكلية أو تنقص من أجر الصلاة وثوابها , ويحز في نفسي ويؤلمها عندما أرى أحد رواد مسجدنا يحرص على النافلة بعد الصلاة المكتوبة , ثم أراه يصلي صلاة لا ترفع فوق رأس العبد شبرا لأنها فقدت عدة أركان من أركان الصلاة .
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه وينقر في سجوده وهو يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو مات هذا على حاله هذه مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم ) , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي لا يتم ركوعه وينقر في سجوده مثل الجائع يأكل التمرة والتمرتين لا تغنيان عنه شيئا ) , رواه ابن خزيمة في صحيحه والطبراني في الكبير وحسن إسناده شيخنا الألباني رحمه الله تعالى .
وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه أنه رأى رجلا يصلي فطفف - أي سرق من صلاته - فقال له حذيفة : " منذ كم تصلي هذه الصلاة" , قال منذ أربعين عاما , قال : "ما صليت منذ أربعين سنـَﮧ ولو مت وأنت تصلي هذه الصلاة لمت على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم" ثم قال : "إن الرجل ليخفف ويتم ويحسن" . رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى .
فالأمر إذا في غاية الخطورة , وگلـَہ مبني على المصيبة التي عمت وطمت إلا ما رحم ربي , وهي مصيبة الجهل بالدين , فتجد الإنسان حريصا على تعلم ما ينفعه في أمور الدنيا الدنيئة القليلة المنتهية معرضا عن تعلم ما يقيم به دينه ويرضى به ربه عز وجل ويطلب به الجنة في الآخرة الباقية , وصدق الله العظيم القائل في كتابه : ( كلا بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة ) .
فالعلم الشرعي ... بدءا من العقيدة السليمة ,,, ثم تعلم الفرائض وما يجب على الإنسان من العبادات ,,, ثم تعلم الحلال والحرام من المعاملات التي يدخل فيها , كل ذلك فرض عين على المسلم , وإهمال هذا الفرض وتضييعه يورده المهالك , نسأل الله تعالى العافية .
في هذا الموضوع , أو قل في هذه الدورة الشرعية المصغرة ,, نتعلم معا إن شاء الله عز وجل شيئا من فقه الصلاة , حتى نعبد الله تعالى كما أمرنا , لا كما تمليه أهواؤنا وعاداتنا ,, فلنحرص على متابعتها والتعلم منها , ومن استطاع نشرها بين الناس بعد ذلك فجزاه الله تعالى خيرا .
إن شاء الله عز وجل سوف نورد الدروس في حلقات متقطعة , ونأخذ في كل حلقة إن شاء الله تعالى قدرا يسيرا جدا حتى تسٍهُل متابعة الدروس , وعلى ذلك فلا أرى لأحد عذرا في ترك المتابعة والتعلم , لا سيما أول قسمين , وأتمنى أن يحرص الجميع , أعضاء ومشرفين وحتى زوارا على الاستفادة من هذا الموضوع وأن يجعلوه بمثابة حلقة علم يبتغون بها رضا الله عز وجل ونيل ثواب تعلم دين الله تعالى ثم إصلاح ما قد يقع في عبادتهم من خطأ ومتابعة سنـَﮧ الحبيب صلى الله عليه وءاله وسلم , وحتى من له باع في العلم سيكون هذا بمثابة التذكرة والمراجعة له ,, سائلا المولى جل شأنه أن يجعل هذا العمل صالحا خالصا لوجهه الكريم وأن ينفعني به والمسلمين , إنه سبحانه على كل شيء قدير .
ملاحظات :
1- أول شرط للالتحاق في هذه الدورة الشرعية : إخلاص النية لله عز وجل , والتحلي بآداب طالب العلم , فمن فعل ذلك فهنيئا له الثواب العظيم بإذن الله عز وجل , كيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم فيما صح عنه : ( من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) رواه أصحاب السنن وصححه الألباني رحمه الله تعالى .
2- الأمور الأساسية في الفقه دلت عليها النصوص دلالة صريحة أو أجمع عليها العلماء والفقهاء , وهناك أمور فرعية لم يأت فيها نص ولا إجماع فاجتهد فيها الفقهاء للوصول للحكم الشرعي , ومن هنا : كان لكل منهم اجتهاده ,, وقد بينا المذهب الفقهي الذي سوف ندرسه في هذه الدورة لذلك , من كان له مذهب فقهي آخر فلا يشغلنا بالخلافات الفرعية ويشتت الطالب والمعلم فيصد عن سبيل الله من حيث قصد او لم يقصد , وهذا أدب عالم لكل مجالس العلم ينبغي على المسلم التزامه , إلا إذا رأى بدعة منكرة تخالف إجماع المسلمين أو تخالف دليلا ظاهرا فعليه أن ينكرها .
3- كعادتي في المواضيع المتسلسلة ... لا نريد مشاركات في الموضوع لا بالشكر ولا بالتعليق حتى لا نقطع تسلسل الموضوع ,, إذا ماذا نفعل إذا كان لدينا تعليق أو سؤال أو استفسار ؟؟ سيكون هناك موضوع خاص لتلقي مشاركاتكم واستفساراتكم والإجابة عليها إن شاء الله عز وجل . القسم الأول : دراسة كتاب تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وءاله وسلم للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
قبل الشروع في دراسة متن الكتاب سنمر مرورا سريعا على بعض التعريفات الأولية لتسٍهُل فهم العبارات التي ستتكرر معنا إن شاء الله تعالى , لكن هذه التعريفات والأحكام سنتوسع فيها وندرسها من الناحية الفقهية في القسم الثاني من المنهج إن شاء ربنا عز وجل .
قال الشيخ رحمه الله تعالى في مقدمة الكتاب مبينا اصطلاحه :
( والركن : هو ما يتم به الشيء الذي هو فيه ويلزم من عدم وجوده بطلان ما هو ركن فيه , كالركوع مثلا في الصلاة فهو ركن فيها يلزم من عدمه بطلانها . )
إذا : الركن جزء من العبادة , تبطل العبادة إذا فقدت هذا الركن , ومثاله قراءة الفاتحة والركوع والسجود في الصلاة , ومثاله أيضا الوقوف بعرفة بالنسبة للحج .
قال رحمه الله : ( والشرط : كالركن إلا أنه يكون خارجا عما هو شرط فيه . كالوضوء مثلا في الصلاة . فلا تصح بدونه . )
إذا : الشرط : أمر أيضا لا تصح العبادة بدونه والفرق بينه وبين الركن أنه أمر خارج عن العبادة وليس جزءا منها , وقد عرفه الفقهاء والأصوليون بقولهم : ( هو ما يلزم من عدمه العدم , ولا يلزم من وجوده الوجود ) ,, ومعنى ذلك : أنه إن لم يوجد الشرط لم توجد العبادة ,, وإن وجد الشرط فقد توجد العبادة أو لا توجد . ومثاله : الوضوء ,, فإذا لم يتوضأ الإنسان فلا صلاة له ,, أما إذا توضأ فتصح منه الصلاة , لكن لا تلزمه لمجرد الوضوء , لكن تلزمه إذا وجد سببها وهو دخول الوقت .
قال رحمه الله تعالى : ( والواجب : هو ما ثبت الأمر به في الكتاب أو السنـَﮧ , ولا دليل على ركنيته أو شرطيته ) .
قال أهل العلم : الواجب تبطل الصلاة بتضييعه عمدا , لكن إذا نسيه الإنسان فإن ذلك يجبره سجود السهو ,, بعكس الركن , فإذا نسيه الإنسان لابد أن يأتي به قبل سجود السهو , وإلا بطلت الصلاة .
قال رحمه الله : ( والسنـَﮧ : ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليه من العبادات دائما . أو غالبا . ولم يأمر به أمر إيجاب ويثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها .)
وهذه هي السنـَﮧ المستحبة , وهناك سنن واجبة تدخل تحت قسم الواجب .
أخيرا قال الشيخ رحمه الله تعالى في مؤخرة التقديم : ( إن من نافلة القول أن أذكر أنني لم ألتزم فيه تبعا لأصله مذهبا معينا من المذاهب الأربعة المتبعة . وإنما سلكت فيه مسلك أهل الحديث الذين يلتزمون الأخذ بكل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الحديث ولذلك كان مذهبهم أقوى من مذاهب غيرهم كما شهد بذلك المنصفون من كل مذهب .)
نكتفي الآن بهذا القدر , ونسأل الله تعالى أن يصلح لنا قلوبنا وأعمالنا , وأن يغفر لنا وأن يتقبل منا , إنه سميع عليم .
الحٍمَدٍآللـّہ رب العالمين , الذي خلق فسوى , والذي قدر فهدى , والذي أخرج المرعى , فجعله غثاء أحوى , وأشهد ألا إله إلا الله , وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم - , اما بعد
لا ادرى إن كان أحد من إخواني بدأ المتابعة بالفعل أم ليس بعد ,, لكن سنسير في طريقنا إن شاء الله تعالى , وإن كان بعض إخواننا يتابعنا فأرجو منكم المتابعة مرة واحدة يوميا على الأقل حتى لا تتراكم على الإنسان الدروس فيستصعبها .
نبدأ اليوم إن شاء الله تعالى في متن الكتاب .
قال الشيخ رحمه الله تعالى :
( استقبال الكعبة :
1 - إذا قمت أيها المسلم إلى الصلاة فاستقبل الكعبة حيث كنت في الفرض والنفل وهو ركن من أركان الصلاة فلا تصح الصلاة إلا به . )
لم يذكر الشيخ رحمه الله تعالى الركن الأول وهو النية , وسيأتي الحديث عنها فيما بعد إن شاء الله عز وجل , ثم تפـٍـدَثْ عن الركن الثاني وهو استقبال القبلة , فأخبرنا أنه ركن لا تصح الصلاة إلا به ,, ثم استثنى من ذلك حالات معينة , فقال رحمه الله :
( 2- ويسقط الاستقبال عن المحارب في صلاة الخوف والقتال الشديد , وعن العاجز عنه كالمريض ,
أو من كان في السفينة أو السيارة أو الطيارة إذا خشي خروج الوقت ,
وعمن كان يصلي نافلة أو وترا وهو يسير راكبا دابة أو غيرها ,
ويستحب له - إذا أمكن - أن يستقبل بها القبلة عند تكبيرة الإحرام ثم يتجه بها حيث كانت وجهته )
ذكر الشيخ رحمه الله تعالى أربع حالات يسقط فيهن ركن استقبال القبلة :
1- رجل محارب في حالة القتال الشديد ولا يمكن أن يولي الأعداء ظهره , 2- رجل مريض يعجز عن التحرك ولا يوجد من يساعده على التوجه للقبلة , 3 - مسافر على سفينة أو طائرة - وأخص هذين بالذكر لأنه لا يمكن التوقف بهما لأداء الصلاة بعكس السيارة - , فإن علم أنه سيصل إلى وجهته أو سيتوقف قبل خروج الوقت بفترة كافية فعليه أن ينتظر حتى يتوقف ويصلي مستقبلا القبلة , أما إن خشي خروج الوقت في صلاة لا تجمع مع ما بعدها (كالعصر والمغرب) جاز له أن يصلي الفريضة على السفينة أو الطائرة ( أو السيارة إن عجز عن إيقافها ) , فيتحرى جهة القبلة ويتوجه إليها في بداية صلاته - إن استطاع - ثم لا حرج عليه إن غيرت السفينة اتجاهها أثناء الصلاة , 4- أن تكون الصلاة نافلة وهو على دابة , سواء كانت ناقة أو سيارة أو غيرهما , ففي هذه الحالة لا يجب عليه أن ينتظر حتى يتوقف وله أن يصلي متنفلا غير مستقبل القبلة , ويستحب له أن يستقبل القبلة في بداية صلاته ثم يتجه بها حيث كانت وجهته .
وكل حالة من هذه الحالات عليها أدلتها الموجودة في كتب الفقه , وهي مذكورة بالتفصيل في الكتاب الأصلي للشيخ الألباني رحمه الله , لكنه هنا لخصها وذكر الحكم بدون ذكر الدليل اختصارا .
قال رحمه الله : ( 3 - ويجب على كل من كان مشاهدا للكعبة أن يستقبل عينها وأما من كان غير مشاهد لها فيستقبل جهتها . )
نحن في مدينة تقع جنوب مكة مثلا , فعلينا استقبال جهة الشمال , وليس علينا استقبال عين الكعبة تحديدا فذلك متعذر ويوقع في الحرج , اما من كان في الحرم ويشاهد الكعبة فعليه استقبال عينها .
قال رحمه الله : ( حكم الصلاة إلى غير الكعبة خطأ : 4 - وإن صلى إلى غير القبلة لغيم أو غيره بعد الاجتهاد والتحري جازت صلاته ولا إعادة عليه . 5 - وإذا جاءه من يثق به وهو يصلي فأخبره بجهتها فعليه أن يبادر إلى استقبالها وصلاته صحيحة . )
انتهى كلامه رحمه الله تعالى عن هذا الركن من أركان الصلاة وهو استقبال القبلة ,, ونكتفي بهذا القدر , سائلين الله القدير أن ينفعنا به وإخواننا المسلمين , إنه سميع عليم .