نقلب الصفحات في الكتاب,ننظر في فهرسته في نهايته, مع بداية كل عام يُحسب فيه عام جديد لحياتنا, تزيد عدد السنون فتزيد عدد الصفحات.
تتفهرس حياتنا ضمن عناوين , بعضها عريضة المعنى و بعضها يكاد لا يظهر أو يُنسى مع الوقت
و تبقى العناوين شاهدة تؤرخ أجزاء من حياتنا, نرى عناوينا تتلاحق , عناويناً تبدأ بطفولتنا البريئة ترسم إبتسامة لطيفة في داخلنا.
نرى عناويناً تلامس روحنا, و عناويناً تدمع لها أعيننا, و عناويناً يقفز لها عقلنا, و عناويناً تذكرنا بغياب حبيب أو فراق قريب, و عناويناً بولادة نبض جديد من الحياة تزيدنا أملاً, و عناويناً بوفاة عزيز فارق الحياة تذكرةً لآخرتنا.
ماذا أخذ معه ؟ و ماذا سنأخذ معنا ؟ من سيقرأ كتابتنا و هل استفدنا لنفيد غيرنا ؟
نرى فقرات في الكتاب تحفر فينا , و نرى حفراَ تجرح حيناً, و نرى جراحا تنزف ألماً, و أخرى تلتئم ندىً و طيباً, و نرى نزيفا يميت, و نرى إلتئاما يُشفي.
نقلب الصفحات يومياً, تتبعثر الأحرف حيناً دون معنى لوقت بلا معنى, و تجتمع بجمل مفيدة حينا آخر تنتهي بتجربة حياتية.
صفحات ذابت الأحرف فيها من تكرار ملامستها خلال القراءة, و صفحات ما زالت لامعة و جديدة لأننا لم نقترب منها, هي تلك المرحلة الزمنية الوقتية بالتباعد بين الفقرات, صفحات إهتزت و إهترت من كثرة المرور عليها بالتجارب والمشاكل, و صفحات أصبحت أكثر إضاءة لأنها أنارت لنا طريق من عبر في حياتنا.
سطور إختفت لأننا لم ننتبه لها, و سطور تسطع بحدة لونها المخطط تحته لأننا نحتاج المرور عليها دوماً, صفحات نتمنى لو أننا ننتزعها من كتابنا حتى لا نقرأها نحن و لا يقترب منها أحد بالقراءة, و صفحات نتمنى لو نستطيع أن نأخذ نسخة إضافية لها حتى نحتفظ بها في حياتنا, و تكون نسخة لأحبائنا لنجنبهم ما عانينا.
يبقى الكتاب مفتوحاً, لكل من لديه لحظة يترافق فيها معنا.
هذه هي حياتنا, تبدأ بحرف و كلمة و جملة و سطر و فقرة و صفحات و كتيب و كتاب , و تبقى كتابة الحياة أو تبقى حياة الكتاب, و تنتهي حياتنا و يبقى الكتاب شاهداً على ذكرانا.
إن أحسنا وصفه بطيب سيرتنا و حسن تصرفنا و توسع إدراكنا, أصبح الكتاب المفضل لأولادنا من بعدنا, و إن أسأنا ، سوف يرمي به أولادنا و يقرأون كتاب غيرنا.
. إنتبه لكتابة أحرف حياتك من البداية, و إعتنِ بما بين السطور, حتى تقرأ السطور واضحة المعالم بين الجمل