موضوع: تكملة باب المواقيت الحج الجمعة نوفمبر 04, 2011 8:38 am
بسم الله الرحن الرحيم أصناف الناس باعتبار موضع الإحرام ثلاثة: الصنف الأول: الآفاقي: من كان خارج المواقيت. الصنف الثاني: الميقاتي: من كان بين المواقيت والحرم. الصنف الثالث: المكي: أهل مكة أو أهل الحرم.
المطلب الأول: مواقيت الآفاقي أولاً: تعريف الآفاقي: هو من كان منزله خارج منطقة المواقيت . ثانياً: مواقيت الآفاقي: تتنوع مواقيت الآفاق باعتبار جهتها من الحرم، فلكل جهة ميقات معيَّن، ويرجع كلام أهل العلم في المواقيت إلى ستة مواقيت: الميقات الأول: ذو الحُليفة: ميقات أهل المدينة، ومن مر بها من غير أهلها، وهو موضع معروف في أول طريق المدينة إلى مكة، بينه وبين المدينة نحو ستة أميال (13 كيلو متر تقريبا)، وبينه وبين مكة عشرة مراحل ، نحو مائتي ميل تقريباً (408 كيلو متر تقريبا)، فهو أبعد المواقيت من مكة ، وتسمى الآن (آبار علي) ، ومنها أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجة الوداع . الميقات الثاني: الجُحْفة: ميقات أهل الشام، ومن جاء من قبلها من مصر، والمغرب، ومن وراءهم من أهل الأندلس ويقال لها مَهْيَعة، وهي قرية كبيرة على نحو خمس مراحل من مكة (186 كيلو متر تقريبا)، وعلى نحو ثمان مراحل من المدينة، سميت جحفة؛ لأن السيل جحفها في الزمن الماضي، وحَمَلَ أهلها ، وهي التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينقل إليها حمى المدينة، وكانت يومئذ دار اليهود، ولم يكن بها مسلم، ويقال إنه لا يدخلها أحد إلا حم، وقد اندثرت، ولا يكاد يعرفها أحد، ويحرم الحجاج الآن من (رابغ)، وهي تقع قبل الجحفة بيسير إلى جهة البحر، فالمحرم من (رابغ) محرم قبل الميقات، وقيل إن الإحرام منها أحوط لعدم التيقن بمكان الجحفة . الميقات الثالث: قَرْن المنازل (السيل الكبير): ميقات أهل نجد ، و(قرن) جبل مطل على عرفات، ويقال له قرن المبارك، بينه وبين مكة مرحلتان،نحو أربعين ميلاً (78 كيلو متر تقريباً)، وهو أقرب المواقيت إلى مكة، وتسمى الآن (السيل) . الميقات الرابع: يلملم: ميقات أهل اليمن وتهامة، والهند، ويلملم جبل من جبال تهامة، جنوب مكة، وتقع على مرحلتين من مكة (120كيلو متر تقريباً). الميقات الخامس: ذات عِرق: ميقات أهل العراق، وسائر أهل المشرق، وهي قرية على مرحلتين من مكة، بينهما اثنان وأربعون ميلاً، (100 كيلو متر تقريبا) وقد خربت . أدلة تحديد هذه المواقيت الخمسة: أولاً: من السنة: 1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن؛ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)) . 2- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن. قال عبدالله - يعني ابن عمر - وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم)) . 3- عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتيَ وهو في معرسه من ذي الحليفة في بطن الوادي، فقيل: إنك ببطحاء مباركة، قال موسى: وقد أناخ بنا سالم بالمناخ من المسجد الذي كان عبدالله ينيخ به، يتحرى معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أسفل من المسجد الذي ببطن الوادي، بينه وبين القبلة، وسطاً من ذلك)) . 4- عن عمر رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: ((أتاني الليلة آت من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)) . ثانياً: الإجماع: حكى الإجماع على ذلك: ابن المنذر ، وابن حزم ، وابن عبدالبر ، وابن رشد ، وابن قدامة ، والنووي . الميقات السادس: العقيق: العقيق: واد وراء ذات عرق مما يلي المشرق، عن يسار الذاهب من ناحية العراق إلى مكة، ويشرف عليها جبل عرق . اختلف أهل العلم في الإحرام منه على قولين: القول الأول: الاقتصار على استحباب الإحرام من ذات عرق، وهو يقع بعد العقيق، وهذا مذهب الجمهور ، ومنهم الحنفية ، والمالكية ، والحنابلة . الأدلة: 1- نصوص أحاديث المواقيت، وليس في شيء منها العقيق. 2- إجماع الناس على أنهم إذا جاوزوا العقيق إلى ذات عرق أنه لا دم عليهم، ولو كان ميقاتاً لوجب الدم بتركه . 3- إجماع الناس على ما فعله عمر رضي الله عنه من توقيت ذات عرق، وهو بعد العقيق . القول الثاني: استحباب الإحرام من العقيق لأهل المشرق، وهذا مذهب الشافعية ، وبعض الحنفية ، وبه قال بعض السلف ، واستحسنه ابن المنذر, وابن عبدالبر . الأدلة: أولاً: عن أنس رضي الله عنه: ((أنه كان يحرم من العقيق)) . ثانياً: أن الإحرام من العقيق فيه من الاحتياط، والسلامة من الالتباس بذات عرق؛ لأن ذات عرق قرية خربت، وحول بناؤها إلى جهة مكة، فالاحتياط الإحرام قبل موضع بنائها، فينبغي على من أتى من جهة العراق أن يتحرى ويطلب آثار القرية العتيقة، ويحرم حين ينتهي إليها، ومن علاماتها المقابر القديمة، فإذا انتهى إليها أحرم . المطلب الثاني: الإحرام من الميقات لمن مرَّ منه قاصداً النسك: يجب الإحرام من الميقات لمن مر منه قاصداً أحد النسكين: الحج أو العمرة. الأدلة: أولاً: من السنة: 1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن؛ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)) . 2- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن. قال عبدالله - يعني ابن عمر - وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم)) . وجه الدلالة من هذين الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت، فقال: ((هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج أو العمرة)) ، وفائدة التأقيت المنع من تأخير الإحرام عنها، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين . 3- عن عمر رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: ((أتاني الليلة آت من ربي، فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)) . وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من الميقات، والأصل في دلالة الأمر الوجوب، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنهم تجاوزوها بغير إحرام . ثانياً: من الإجماع: نقل الإجماع على ذلك النووي ، والزيلعي . المطلب الثالث: من سلك طريقاً ليس فيه ميقات معين، برًّا أو بحراً أو جوًّا: من سلك طريقاً ليس فيه ميقات معين، برًّا أو بحراً أو جوًّا اجتهد وأحرم إذا حاذى ميقاتاً من المواقيت. وذلك باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي . الدليل: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه أهل العراق وقالوا: يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً، وإنها جور عن طريقنا- يعني فيها ميول وبعد عن طريقنا- فقال رضي الله عنه: ((انظروا إلى حذوها من طريقكم)) . مسألة: من سلك طريقاً ليس فيه ميقات معين، برًّا أو بحراً أو جوًّا، فاشتبه عليه ما يحاذي المواقيت ولم يجد من يرشده إلى المحاذاة وجب عليه أن يحتاط ويحرم قبل ذلك بوقت يغلب على ظنه أنه أحرم فيه قبل المحاذاة؛ وليس له أن يؤخر الإحرام، وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي ، وبه أفتى ابن باز . الأدلة: أولاً: من الكتاب: قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. وجه الدلالة: أن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا، وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات . ثانياً: أن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد، ومع التحرى والاحتياط خوفًا من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب . المطلب الرابع: هل جدة ميقات؟ جدة ليست ميقاتاً، ولا يجوز لأحد أن يتجاوز ميقاته ويحرم من جدة، إلا أن لا يحاذي ميقاتاً قبلها فإنه يحرم منها، كمن قدم إليها عن طريق البحر من الجزء المحاذي لها من السودان؛ لأنه لا يصادف ميقاتاً قبلها، وهذا اختيار ابن باز ، وابن عثيمين ، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة ، وقرار هيئة كبار العلماء ، والمجمع الفقهي الإسلامي . الأدلة: أولا من السنة: 1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها)) . وجه الدلالة: أن الحديث دل على وجوب إحرام من مرَّ على هذه المواقيت حتى لو كان من غير أهلها، ولم يذكر جدة من بينها، وعليه فلا يجوز له تأخير الإحرام إلى جدة أو غيرها مما يلي الميقات الذي مر عليه. 2- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((لما فتح هذان المصران أي الكوفة والبصرة أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّ لأهل نجد قرناً، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرناً شق علينا فقال: انظروا حذوها من طريقكم فحدّ لهم ذات عرق)) . وجه الدلالة: أن الإحرام يكون في الميقات أو حذوه، وجدة ليست ميقاتاً وليست محاذية لأحد المواقيت. ثانيا: أنه بالرغم من أن جدة كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يتخذها ميقاتاً مع أهمية موقعها وقربه، ولو كانت من المواقيت لنص عليه النبي صلى الله عليه وسلم. فرع: من لم يحمل معه ملابس الإحرام في الطائرة، فليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة، بل الواجب عليه أن يحرم في السراويل، وعليه كشف رأسه، فإذا وصل إلى جدة اشترى إزاراً وخلع القميص، وعليه عن لبسه القميص كفارة، وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، وهذا قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي . المطلب الخامس: حكم تجاوز الميقات للمحرم بدون إحرام الفرع الأول: من تجاوز الميقات بغير إحرام ولم يرجع للإحرام من الميقات: من كان مريداً لنسك الحج أو العمرة، وتجاوز الميقات بغير إحرام، فإنه يجب العود إليه، والإحرام منه، فإن لم يرجع أَثِم ووجب عليه الدم، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية ، والمالكية والشافعية ، والحنابلة ، وحكى ابن عبدالبر الإجماع على ذلك . الأدلة: دليل وجوب الرجوع: أنه نسك واجب أمكنه فعله، فلزمه الإتيان به كسائر الواجبات . دليل وجوب الدم عليه: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((من ترك شيئاً من نسكه فليهرق دماً)) . مسألة: من تجاوز الميقات بدون إحرام ليدخل مكة لعدم حمله التصريح فحجه صحيح لكنه يأثم بارتدائه المخيط، وتجب عليه الفدية، وبه قال ابن عثيمين . الفرع الثاني: من تجاوز الميقات بغير إحرام ثم رجع إلى الميقات فأحرم منه من تجاوز الميقات بغير إحرام ثم رجع إلى الميقات فأحرم منه، فلا دم عليه . الأدلة: أولا: الإجماع: نقل الإجماع على ذلك الكاساني وشمس الدين ابن قدامة . ثانياً: لأنه أحرم من الميقات الذي أُمر بالإحرام منه، فلم يلزمه شيء؛ لأنه أتى بالواجب عليه، كما لو لم يجاوزه ابتداء . ثالثاً: لأنه لم يترك الإحرام من الميقات ولم يهتكه، فلم يجب عليه شيء . الفرع الثالث: من أحرم بعد الميقات، ثم رجع إلى الميقات من أحرم بعد الميقات، ثم رجع إلى الميقات؛ فإنه لا يسقط عنه الدم، وهذا مذهب المالكية ، والحنابلة ، وبه قال زفر من الحنفية ، وهو قول ابن المبارك , واختيار الشنقيطي , وابن باز , وابن عثيمين . الأدلة: أولاً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((من ترك شيئاً من نسكه فليهرق دماً)) . ثانياً: أن الدم استقر عليه بترك واجب الإحرام من الميقات، ولا يزول هذا برجوعه، أما إذا رجع قبل إحرامه منه فإنه لم يترك الإحرام منه، ولم يهتكه . الفرع الرابع: إذا جاوز الميقات غير مريد نسكاً ثم أراده إذا جاوز الميقات غير مريد نسكاً، ثم أراده فإنه يحرم من موضعه، وهو مذهب المالكية ، والشافعية ، وبه قال ابن حجر ، والشوكاني ، واختاره ابن عثيمين . الأدلة: أولاً: من السنة: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المواقيت: ((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)) ، وهذا أنشأ النية من دون المواقيت، فميقاته من حيث أنشأ. ثانياً: عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه أحرم من الفُرْع)) ، والفُرْع بلاد بين ذي الحليفة وبين مكة، فتكون دون ميقات المدني، وابن عمر رضي الله عنهما مدني، وتأويله أنه خرج من المدينة إلى الفرع لحاجة، ولم يقصد مكة، ثم أراد النسك فكان ميقاته مكانه . ثالثاً: أن من وصل إلى مكان على وجه مشروع، صار حكمه حكم أهله . الفرع الخامس: المرور من الميقات لحاجة غير النسك مسألة: حكم الإحرام لمن جاوز الميقات إلى الحل لحاجة غير النسك من جاوز الميقات لا يريد نسكاً، ولا يريد دخول الحرم فلا يجب عليه الإحرام. الأدلة: أولاً: من السنة: قوله عليه الصلاة والسلام: ((هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد حجاً أو عمرة)). وجه الدلالة: أنَّ مفهوم الحديث يدل على أنَّ من لم يرد الحج والعمرة، يجوز له أن يتجاوز الميقات بغير إحرام. ثانياً: الإجماع: نقل الإجماع على ذلك ابن قدامة . مسألة: حكم الإحرام لمن جاوز الميقات إلى مكة لحاجة غير النسك من جاوز الميقات – ممن لا يجب عليه النسك - بقصد دخول مكة لحاجة لا تتكرر، فإنه يستحب له الإحرام ولا يجب وهو مذهب الشافعية ، والظاهرية ، وهو رواية عن أحمد ، وبه قال طائفة من السلف ، وهو ظاهر تبويب البخاري ، واختاره النووي ،وابن القيم , وابن مفلح ، والزركشي ، والصنعاني ، والشنقيطي ، وابن باز ، وابن عثيمين . الأدلة: أولاً: من السنة: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المواقيت[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة](هنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ ممن كان يريد حجا أو عمرة)) رواه البخاري، ومسلم . وجه الدلالة: أنَّ مفهوم الحديث يدل على أنَّ من لم يرد الحج والعمرة، يجوز له أن يتجاوز الميقات بغير إحرام، ولو وجب بمجرد الدخول لما علقه على الإرادة . 2- عن جابر رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء بغير احرام)) رواه مسلم ، وعن أنس رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر)) رواه مسلم . وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح حلالاً غير محرم، وكذا أصحابه، فدل على عدم لزوم الإحرام لمن دخل مكة . ثانياً: أن الله تعالى لم يأمر قط, ولا رسوله عليه الصلاة السلام بأن لا يدخل مكة إلا بإحرام، فهو إلزام ما لم يأت في الشرع إلزامه . ثالثاً: أنه قد ثبت بالاتفاق أن الحج والعمرة عند من أوجبها إنما تجب مرة واحدة، فلو أوجبنا على كل من دخل مكة أو الحرم أن يحج أو يعتمر لوجب أكثر من مرة . رابعاً: أنه تحية لبقعة فلم تجب كتحية المسجد . مسألة المرور بميقاتين: لا يجوز لمريد النسك أن يتجاوز أول ميقات يمر عليه إلى ميقات آخر، سواء كان أقرب إلى مكة أو أبعد، مثل أن يترك أهل المدينة الإحرام من ذي الحليفة حتى يحرموا من الجحفة، أو أن يترك أهل الشام الإحرام من الجحفة إلى ذي الحليفة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية ، والحنابلة ، وهو قول طائفة من السلف ، واختاره النووي ، وابن حجر ، والصنعاني ،وابن عثيمين احتياطاً . الأدلة: أولاً: من السنة: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المواقيت: ((هنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ ممن كان يريد حجا أو عمرة)) رواه البخاري، ومسلم . وجه الدلالة: أن الحديث يدل بعمومه على أن من مر بميقات فهو ميقاته، فالشامي مثلاً إذا أتى ذا الحليفة فهو ميقاته، يجب عليه أن يحرم منه. ولا يجوز له أن يجاوزه غير محرم. ثانياً: أن هذه المواقيت محيطة بالبيت كإحاطة جوانب الحرم، فكل من مرّ بجانب من جوانبه لزمه تعظيم حرمته، وإن كان بعض جوانبه أبعد من بعض . المطلب السادس: حكم التقدم بالإحرام قبل المواقيت المكانية: التقدم بالإحرام قبل المواقيت المكانية جائز بالإجماع، فيما نقله ابن المنذر ، والمرغيناني ، والنووي ، لكنه يكره، وهو مذهب المالكية ، والحنابلة ، واختاره ابن باز وابن عثيمين . الأدلة: أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من الميقات، وهذا مجمع عليه، ولا يفعل إلا الأفضل، وقد حج مرة، واعتمر مراراً، وقد ترك النبي صلى الله عليه سلم الإحرام من مسجده الذي الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وأحرم من الميقات، فلا يبقى بعد هذا شك في أن الإحرام من الميقات أفضل . ثانياً: أنه لو كان الأفضل الإحرام من قبل الميقات لكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يحرمون من بيوتهم، ولما تواطؤوا على ترك الأفضل، واختيار الأدنى، وهم أهل التقوى والفضل، وأفضل الخلق، ولهم من الحرص على الفضائل والدرجات ما لهم . ثالثاً: إنكار عمر وعثمان رضي الله عنهما الإحرام قبل المواقيت: 1. عن الحسن ((أن عمران بن الحصين أحرم من البصرة فلما قدم على عمر وقد كان بلغه ذلك أغلظ له وقال: يتحدث الناس أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من مصر من الأمصار)) . 2. ((أحرم عبدالله بن عامر من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع، وكرهه له)) . خامساً: أنه تغرير بالإحرام وتعرض لفعل محظوراته، وفيه مشقة على النفس، فكره كالوصال في الصوم، قال عطاء: انظروا هذه المواقيت التي وقتت لكم، فخذوا برخصة الله فيها، فإنه عسى أن يصيب أحدكم ذنباً في إحرامه، فيكون أعظم لوزره، فإن الذنب في الإحرام أعظم من ذلك . سادساً: القياس على كراهة الإحرام قبل أشهر الحج. المطلب السابع: الحيض والنفاس لا يمنع من إحرام المرأة من الميقات المرأة التي تريد الحج أو العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات، بلا إحرام، حتى لو كانت حائضاً فإنها تحرم وهي حائض، وينعقد إحرامها ويصح. الأدلة: أولاً: من السنة: عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((... فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي)) . وجه الدلالة: أنه أمر النفساء بالاغتسال والإحرام، ولا فرق في ذلك بينها وبين الحائض، فالنفاس أقوى من الحيض لامتداده وكثرة دمه، ففي الحيض أولى ثانياً: الإجماع: نقل الإجماع على ذلك ابن عبدالبر ، والنووي ، وابن رجب .