| موضوع: اسماء الله الحسنى ومعانيها ـأ الخميس سبتمبر 01, 2011 7:13 pm | |
| -الْلَّه ::
هُو الِاسْم الَّذِى تَفَرَّد بِه الْحَق سُبْحَانَه وَخُص بِه نَفْسُه ، وَجَعَلَه أَوّل أَسْمَائِه واضَافِهَا كُلَّهَا الَيْه وَلَم يُضِفْه الَى إِسْم مِنْهَا ، فَكُل مَا يَرِد بَعْدَه يَكُوْن نَعْتا لَه وَصِفَة ،وَهُو إِسْم يَدُل دَلَالَة الْعِلْم عَلَى الْإِلَه الْحَق وَهْوَيَدّل عَلَيْه دَلَالَة جَامِعَة لِجَمِيْع الْأَسْمَاء الْإِلَهِيَّة الْأُحَادِيَّة .هَذَا وَالِاسْم (الْلَّه) سُبْحَانَه مُخْتَص بِخَوَاص لَم تُوَجَد فِى سَائِر أَسْمَاء الْلَّه تَعَالَى .
الْخَاصّيَّة الْأُوْلَى : أَنَّه إِذَا حُذِفَت الْأَلِف مِن قَوْلِك (الْلَّه) بَقِى الْبَاقِى عَلَى صُوْرَة (لِلَّه وَهُوَمُخْتص بِه سُبْحَانَه كَمَا فِى قَوْلِه ( وَلِلَّه جُنُوْد الْسَّمَوَات وَالْأَرْض) ، وَإِن حَذَفْت عَن الْبَقِيَّة اللّام الْأُوْلَى بَقِيَت عَلَى صُوْرَة (لَه) كَمَا فِى قَوْلِه تَعَالَى ( لَه مَقَالِيْد الْسَّمَوَات وَالْأَرْض) فَإِن حُذِفَت الْلَّام الْبَاقِيَة كَانَت الْبَقِيَّة هِى قَوْلُنَا (هُو) وَهُو أَيْضا يَدُل عَلَيْه سُبْحَانَه كَمَا فِى قَوْلِه ( قُل هُو الْلَّه أَحَد ) وَالْوَاو ذَائِدَة بِدَلِيْل سُقُوطِهَا فِى الْتَّثْنِيَة وَالْجَمْع ، فَإِنَّك تَقُوْل : هُمَا ، هُم ، فَلَا تَبْقَى الْوَاو فِيْهِمَا فَهَذِه الْخَاصّيَّة مَوْجُوْدَة فِى لَفْظ الْلَّه غَيْر مَوْجُوْدَة فِى سَائِر الْاسْمَاء .
الْخَاصّيَّة الْثَّانِيَة : أَن كَلِمَة الْشَّهَادَة _ وَهِى الْكَلِمَة الَّتِى بِسَبَبِهَا يَنْتَقِل الْكَافِر مِن الْكُفْر الَى الْإِسْلام _ لَم يَحْصُل فِيْهَا إِلَا هَذَا الِاسْم ، فَلَو أَن الْكَافِر قَال : أَشْهَد أَن لَا الَه إِلَا الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم ، لَم يَخْرُج مِن الْكُفْر وَلَم يَدْخُل الْاسْلَام ، وَذَلِك يَدُل عَلَى اخْتِصَاص هَذَا الِاسْم بِهَذِه الْخَاصّيّة الْشَّرِيْفَة
3/2-الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم ::
الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم إِسْمَان مُشْتَقَّان مِن الْرَّحْمَة ، وَالْرَّحْمَة فِى الْأَصْل رِقَّة فِى الْقَلْب تَسْتَلْزِم الْتَّفَضُّل وَالْإِحْسَان ، وَهَذَا جَائِز فِى حَق الْعِبَاد ، وَلَكِنَّه مُحَال فِى حَق الْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى، وَالْرَّحْمَة تُسْتَدْعَى مَرْحُوْما .. وَلَا مَرْحُوم إِلَا مُحْتَاج ، وَالْرَّحْمَة مُنْطَوِيَة عَلَى مَعْنَيَن الرِّقَّة .. وَالْإِحْسَان ، فَرَكَّز تَعَالَى فِى طِبَاع الْنَّاس الرِّقَّة وَتَفَرَّد بِالْإِحْسَان . وَلَا يُطْلَق الْرَّحْمَن إِلَّا عَلَى الْلَّه تَعَالَى ، إِذ هُو الَّذِى وَسِع كُل شَىْء رَحْمَة ، وَالْرَّحِيْم تُسْتَعْمَل فِى غَيْرِه وَهُو الَّذِى كَثُرَت رَحْمَتِه ، وَقِيْل أَن الْلَّه رَحْمَن الْدُّنْيَا وَرَحِيْم الْآَخِرَة ، وَذَلِك أَن إِحْسَانِه فِى الْدُّنْيَا يَعُم الْمُؤْمِنِيْن وَالْكَافِرِيْن ، وَمَن الْآَخِرَة يَخْتَص بِالْمُؤْمِنِيْن ، اسْم الْرَّحْمَن أَخَص مِن اسْم الْرَّحِيْم ، وَالْرَّحْمَن نَوْعَا مِن الْرَّحْمَن ، وَأَبْعَد مِن مَقْدُوْر الْعِبَاد ، فَالَّرَّحْمَن هُو الْعَطُوف عَلَى عِبَادِه بِالْإِيجَاد أَوَّلَا .. وَبِالْهِدَايَة الَى الْإِيْمَان وَأَسْبَاب الْسَّعَادَة ثَانِيا .. وَالْإِسْعَاد فِى الْآَخِرَة ثَالِثا ، وَالْإِنْعَام بِالْنَّظَر الَى وَجْهِه الْكَرِيْم رَابِعا . الْرَّحْمَن هُو الْمُنْعِم بِمَا لَا يُتَصَوَّر صُدُوْر جِنْسِه مِن الْعِبَاد ، وَالْرَّحِيْم هُو الْمُنْعِم بِمَا يُتَصَوَّر صُدُوْر جِنْسِه مِن الْعِبَاد
4-الْمَلِك ::
الْمُلْك هُو الْظَّاهِر بِعِز سُلْطَانُه ، الْغِنَى بِذَاتِه ، الْمُتَصَرِّف فِى أَكْوَانِه بِصِفَاتِه ، وَهُو الْمُتَصَرِّف بِالْأَمْر وَالْنَّهْى ، أَو الْمِلْك لِكُل الْأَشْيَاء ، الْلَّه تَعَالَى الْمُلْك الْمُسْتَغْنَى بِذَاتِه وَصِفَاتِه وَأَفْعَالِه عَن غَيْرَة ، الْمُحْتَاج الَيْه كُل مَن عَدَاه ، يَمْلِك الْحَيَاة وَالْمَوْت وَالْبَعْث وَالْنُّشُور ، وَالْمَلَك الْحَقِيقِى لَا يَكُوْن إِلَّا لِلَّه وَحْدَه ، وَمَن عَرَف أَن الْمَلِك لِلَّه وَحْدَه أَبَى أَن يُذِل لِمَخْلُوْق ، وَقَد يُسْتَغْنَى الْعَبْد عَن بَعْض اشْيَاء وَلَا يُسْتَغْنَى عَن بَعْض الْأَشْيَاء فَيَكُوْن لَه نَصِيْب مِن الْمُلْك ، وَقَد يُسْتَغْنَى عَن كُل شَىْء سِوَى الْلَّه ، وَالْعَبْد مَمْلَكَتِه الْخَاصَّة قَلْبِه .. وَجُنُدُه شَهْوَتُه وَغَضَبُه وَهَوَاه .. وَرَعِيَّتِه لِسَانِه وَعَيْنَاه وَبَاقِى أَعْضَائِه .. فَإِذَا مَلَّكَهَا وَلَم تَمْلِكْه فَقَد نَال دَرَجَة الْمَلِك فِى عَالَمِه ، فَإِن انْضَم الَى ذَلِك اسْتِغْنَاؤُه عَن كُل الْنَّاس فَتِلْك رُتْبَة الْأَنْبِيَاء ، يَلِيْهِم الْعُلَمَاء وَمَلَّكَهُم بِقَدَر قُدْرَتِهِم عَلَى ارْشاد الْعِبَاد ، بِهَذِه الْصِّفَات يُقَرِّب الْعَبَد مِن الْمَلَائِكَة فِى صِفَاتِه وَيَتَقَرَّب الَى الْلَّه
5-الْقُدُّوْس::
تَقُوْل الْلُّغَة أَن الْقُدْس هُو الْطَّهَارَة ، وَالْأَرْض الْمُقَدَّسَة هِى الْمُطَهَّرَة ، وَالْبَيْت الْمُقَدَّس :الَّذِى يَتَطَهَّر فِيْه مَن الْذُّنُوب ، وَفِى الْقُرْآَن الْكَرِيْم عَلَى لِسَان الْمَلَائِكَة وَهُم يُخَاطِبُوْن الْلَّه ( وَنَحْن نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك ) أَى نُطَهِّر انْفُسَنَا لَك ، وَجِبْرِيْل عَلَيْه الْسَّلام يُسَمَّى الْرُّوْح الْقُدُس لِطَهَارَتِه مِن الْعُيُوْب فِى تَبْلِيْغ الْوَحْى الَى الْرُّسُل أَو لِأَنَّه خُلِق مِن الْطَّهَارَة ، وَلَا يَكْفِى فِى تَفْسِيْر الْقُدُّوْس بِالْنِّسْبَة الَى الْلَّه تَعَالَى أَن يُقَال أَنَّه مُنَزَّه عَن الْعُيُوب وَالْنَّقَائِص فَإِن ذَلِك يَكَاد يَقْرُب مِن تَرْك الْأَدَب مَع الْلَّه ، فَهُو سُبْحَانَه مُنَزَّه عَن أَوْصَاف كَمَال الْنَّاس الْمَحْدُوْدَة كَمَا أَنَّه مُنَزَّه عَن أَوْصَاف نَقْصِهِم ، بَل كُل صِفَة نَتَصَورِهَا لِلْخَلْق هُو مُنَزَّه عَنْهَا وَعَمَّا يُشْبِهُهَا أَو يُمَاثِلُهَا
6-الْسَّلَام ::
تَقُوْل الْلُّغَة هُو الْأَمَان وَالاطِئْنَان ، وَالْحَصَانَة وَالْسَّلامَة ، وَمَادَّة الْسَّلَام تَدُل عَلَى الْخَلَاص وَالْنَّجَاة ، وَأَن الْقَلْب السَّلِيْم هُو الْخَالِص مِن الْعُيُوْب ، وَالْسَّلَم (بِفَتْح الْسِّين أَو كَسْرِهَا ) هُو الْمُسَالَمَة وَعَدَم الْحَرْب ، الْلَّه الْسَّلَام لِأَنَّه نَاشِر الْسَّلام بَيْن الْأَنَام ، وَهُو مَانِح الْسَّلامَة فِى الْدُّنْيَا وَالآَخِرَة ، وَهُو الْمُنَزَّه ذُو الْسَّلامَة مِن جَمِيْع الْعُيُوْب وَالْنَّقَائِص لِكَمَالِه فِى ذَاتِه وَصِفَاتِه وَأَفْعَالِه ، فَكُل سَلَامَة مَعْزُوَّة الَيْه صَادِرَة مِنْه ، وَهُوَالَّذِى سَلِم الْخَلْق مِن ظُلْمِه ، وَهُوَالْمُسَلَم عَلَى عِبَادِه فِى الْجَنَّة ، وَهُو فِى رَأَى بَعْض الْعُلَمَاء بِمَعْنَى الْقُدُّوْس . وَالْأِسْلام هُو عُنْوَان دِيَن الْلَّه الْخَاتَم وهِوَمُشتُق مِن مَادَّة الْسَّلَام الَّذِى هُو اسْلَام الْمَرْء نَفْسَه لِخَالِقِهَا ، وَعَهْد مِنْه أَن يَكُوْن فِى حَيَاتِه سُلْمَا وَمُسَالِمَا لِمَن يُسَالِمُه ، وَتَحِيَّة الْمُسْلِمِيْن بَيْنَهُم هِى ( الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه ) وَالْرَّسُوْل صَلَّى الْلَّه عَلَيْه ةسْلَم يُكْثِر مِن الْدَّعْوَة الَى الْسَّلام فَيَقُوْل : الْسَّلَام مِن الْاسْلَام.. افْشُوا الْسَّلام تَسْلَمُوْا .. ثَلَاث مَن جَمَعَهُن فَقَد جَمَع الْأَيْمَان : الْأَنْصَاف مَع نَفْسم ، وَبَذْل الْسَّلام لِلْعَالَم ، وَالْأَنْفَاق مِن الْأَقْتَار ( أَى مَع الْحَاجَة ) .. افْشُوا الْسَّلام بَيْنَكُم .. الْلَّهُم أَنْت الْسَّلام ، وَمِنْك الْسَّلام ، وَالَيْك يَعُوْد الْسَّلام ،فَحَيْنا رَبَّنَا بِالْسَّلام
7-الْمُؤْمِن ::
الْإِيْمَان فِى الْلُّغَة هُو الْتَّصْدِيْق ، وَيُقَال آَمَنَه مِن الْأَمَان ضِد الْخَوْف ، وَالْلَّه يُعْطِى الْأَمَان لِمَن اسْتَجَار بِه وَاسْتَعَان ، الْلَّه الْمُؤْمِن الَّذِى وَحَّد نَفْسِه بِقَوْلِه ( شَهِد الْلَّه أَنَّه لَا الَه إِلَا هُو ) ، وَهُو الَّذِى يُؤْمِن أَوْلِيَاءَه مِن عَذَابِه ، وَيُؤْمِن عِبَادِه مِن ظُلْمِه ، هُو خَالِق الْطُّمَأْنِيْنَة فِى الْقُلُوْب ، أَن الْلَّه خَالِق أَسْبَاب الْخَوْف وَأَسْبَاب الْأَمَان جَمِيْعا وَكَوْنُه تَعَالَى مُخَوِّفَا لَا يَمْنَع كَوْنَه مُؤْمِنا ، كَمَا أَن كَوْنَه مُذِلَّا لَا يَمْنَع كَوْنَه مَعْزَا ، فَكَذَلِك هُو الْمُؤْمِن الْمَخُوْف ، إِن إِسْم ( الْمُؤْمِن ) قَد جَاء مَنْسُوْبا الَى الَلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى فِى الْقُرْآَن مَرَّة وَاحِدَة فِى سُوْرَة الْحَشْر فِى قَوْلِه تَعَالَى ( هُو الْلَّه الَّذِى لَا الَه إِلَا هُو الْمَلِك الْقُدُّوْس الْسَّلَام الْمُؤْمِن الْمُهَيْمِن الْعَزِيْز الْجَبَّار الْمُتَكَبِّر سُبْحَان الْلَّه عَمَّا يُشْرِكُوْن ) سُوْرَة الْحَشْر
8-الْمُهَيْمِن ::
الْهَيْمَنَة هِى الْقِيَام عَلَى الْشَّىْء وَالْرِّعَايَة لَه ، وَالْمُهَيْمِن هُو الَرَقِيب أَو الْشَّاهِد ، وَالْرَّقِيْب اسْم مِن أَسْمَاء الْلَّه تَبَارَك وَتَعَالَى مَعْنَاه الْرَّقِيْب الْحَافِظ لِكُل شَىْء ، الْمُبَالِغ فِى الْرَقَابَة وَالْحِفْظ ، أَو الْمَشَاهِد الْعَالَم بِجَمِيْع الْأَشْيَاء ، بِالْسِّر وَالْنَّجْوَى ، الْسَّامِع لِلْشُّكْر وَالشَّكْوَى ، الْدَّافِع لِلْضُّر وَالْبَلْوَى ، وَهُو الْشَّاهِد الْمُطَّلَع عَلَى افْعَال مَخْلُوْقَاتِه ، الَّذِى يَشْهَد الْخَوَاطِر ، وَيَعْلَم الْسَّرَائِر ، وَيُبْصِر الْظَّوَاهِر ، وَهُو الْمِشْرِف عَلَى أَعْمَال الْعِبَاد ، الْقَائِم عَلَى الْوُجُوْد بِالْحِفْظ وَالأَسْتِيَلَاء
9-الْعَزِيْز ::
الْعِز فِى الْلُّغَة هُو الْقُوَّة وَالْشِّدَّة وَالْغَلَبَة وَالْرِّفْعَة و الْأَمْتِنَاع ، وَالتَّعْزِيْز هُو الْتَّقْوِيَة ، وَالْعَزِيْز اسْم مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى هُو الْخَطِيْر ،( الَّذِى يَقُل وُجُوْد مِثْلِه . وَتَشْتَد الْحَاجَة الَيْه . وَيَصْعُب الْوُصُول الَيْه ) وَإِذَا لَم تَجْتَمِع هَذِه الْمَعَانِى الثَّلَاث لَم يُطَلِّق عَلَيْه اسْم الْعَزِيْز ، كَالْشَّمْس : لَا نَظِيْر لَهَا .. وَالْنَّفْع مِنْهَا عَظِيْم وَالْحَاجَة شَدِيْدَة الَيْهَا وَلَكِن لَا تُوْصَف بِالْعِزَّة لِأَنَّه لَا يَصْعُب الْوُصُول الَي مُشَاهَدَتَهَا . وَفَّى قَوْلُه تَعَالَى ( وَلِلَّه الْعِزَّة وَلِرَسُوْلِه وَلِلْمُؤْمِنِيْن وَلَكِن الْمُنَافِقِيْن لَا يَعْلَمُوْن ) فَالْعِزَّة هُنَا لِلَّه تَحْقِيْقا ، وَلِرَسُوْلِه فَضْلَا ، وَلِلْمُؤْمِنِيْن بِبَرَكَة إِيْمَانِهِم بِرَسُوْل الْلَّه عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام
10-الْجَبَّار ::
الْلُّغَة تَقُوْل : الْجَبَر ضِد الْكَسْر ، وَاصْلاح الْشَّىْء بِنَوْع مِن الْقَهْر ، يُقَال جَبَر الْعَظْم مِن الْكِسَر ، وَجَبَرْت الْفَقِيْر أَى أَغْنَيْتَه ، كَمَا أَن الْجَبَّار فِى الْلُّغَة هُو الْعَالَى الْعَظِيْم
وَالْجَبَّار فِى حَق الْلَّه تَعَالَى هُو الَّذِى تُنَفِّذ مَشِيْئَتِه عَلَى سَبِيِل الْإِجْبَار فِى كُل أَحَد ، وَلَا تُنْفَذ قِيَه مَشِيْئَة أَحَد ، وَيَظْهَر أَحْكَامِه قَهْرَا ، وَلَا يَخْرُج أَحَد عَن قَبْضَة تَقْدِيْرُه ، وَلَيْس ذَلِك إِلَّا لِلَّه ، وَجَاء فِى حَدِيْث الْإِمَام عَلَى ( جَبَّار الْقُلُوْب عَلَى فِطْرَتِهَا شَقِيِّهَا وَسَعِيْدِهَا ) أَى أَنَّه أَجْبَر الْقُلُوْب شِقَّيْهَا وَسَعِيْدِهَا عَلَى مَا فَطَرَهَا عَلَيْه مِن مَعْرِفَتِه ، وَقَد تُطْلَق كَلِمَة الْجَبَّار عَلَى الْعَبْد مَدْحا لَه وَذَلِك هُو الْعَبْد الْمَحْبُوْب لِلَّه ، الَّذِى يَكُوْن جَبَّارا عَلَى نَفْسِه ..جَبَّارا عَلَى الْشَّيْطَان .. مُحْتَرِسا مَن الْعِصْيَان
وَالْجَبَّار هُو الْمُتَكَبِّر ، وَالتَّكَبُّر فِى حَق الْلَّه وُصِف مَحْمُوْد ، وَفِى حَق الْعِبَاد وَصَف مَذْمُوْم
11-الْمُتَكَبِّر ::
الْمُتَكَبِّر ذُو الْكِبْرِيَاء ، هُو كَمَال الْذَّات وَكَمَال الْوُجُوْد ، وَالْكِبْرِيَاء وَالْعَظَمَة بِمَعْنَى وَاحِد ، فَلَا كِبْرِيَاء لِسِوَاه ، وَهُو الْمُتَفَرِّد بِالْعَظَمَة وَالْكِبْرِيَاء ، الْمُتَعَالِى عَن صِفَات الْخَلْق ، الَّذِى تَكْبُر عَمَّا يُوَجِّب نَقْصَا أَو حَاجَة ، أَو الْمُتَعَالِى عَن صِفَات الْمَخْلُوْقَات بِصِفَاتِه وَذَاتِه
كُل مَن رَأَى الْعَظَمَة وَالْكِبْرِيَاء لِنَفْسِه عَلَى الْخُصُوْص دُوْن غَيْرِه حَيْث يَرَى نَفْسَه أَفْضَل الْخَلِق مَع أَن الْنَّاس فِى الْحُقُوق سَوَاء ، كَانَت رُؤْيَتُه كَاذِبَة وَبَاطِلَة ، إِلَا لَلَّه تَعَالَى
12-الْخَالِق ::
الْخَلْق فَى الْلُّغَة بِمَعْنَى الْإِنْشَاء ..أَو الْنَّصِيْب لِوَافِر مِن الْخَيْر وَالْصَّلَاح . وَالْخَالِق فِى صِفَات الَلّه تَعَالَى هُو الْمُوْجِد لِلْأَشْيَاء ، الَّمُبَدَّع الْمُخْتَرَع لَهَا عَلَى غَيْر مِثَال سَبَق ، وَهُو الَّذِى قَدَّر الْأَشْيَاء وَهِى فِى طَوَايَا لِعَدَم ، وَكَمَّلَهَا بِمَحْض الْجُوْد وَالْكَرَم ، وَأَظْهَرَهَا وَفْق إِرَادَتِه وَمَشِيْئَتِه وَحَكَّمَتْه .
وَالْلَّه الْخَالِق مِن حَيْث الْتَّقْدِيْر أَوَّلا ، وَالْبَارِىء لِلْإِيْجَاد وَفْق الْتَّقْدِيْر ، وَالْمُصَوِّر لِتَّرْتِيْب الْصُّوَر بَعْد الأيجَاد ، وَمِثَال ذَلِك الْإِنْسَان .. فَهُو أَوَّلَا يُقَدِّر مَا مِنْه مَوْجُوْد ..فَيُقِيْم الْجَسَد ..ثُم يُمِدَّه بِمَا يُعْطِيْه الْحَرَكَة وَالصِّفَات الَّتِى تَجْعَلَه إِنْسَانا عَاقِلا
13-الْبَارِئ ::
الْبَارِئ: تَقُوْل الْلُّغَة الْبَارِىْء مِن الْبُرْء ، وَهُو خُلُوْص الْشَّىْء مِن غَيْرِه ، مِثْل أَبْرَأَه الْلَّه مِن مَرَضِه .
الْبَارِىْء فِىاسَّمَاء الَلّه تَعَالَى هُو الَّذِى خَلَق الْخَلْق لَا عَن مِثَال ، وَالْبُرْء أَخَص مِن الْخَلْق ، فَخَلَق الْلَّه الْسَّمَوَات وَالْأَرْض ، وَبَرَأ الْلَّه الْنَّسَمَة ، كَبَرَّأ الْلَّه آَدَم مِن طِيْن
الْبَارِىْء الَّذِى يُبْرِىء جَوْهَر الْمَخْلُوْقَات مِن الأَفَات ، وَهُو مَوْجُوْد الْأَشْيَاء بَرِيْئَة مِن الْتَّفَاوُت وَعَدَم الْتَّنَاسُق ، وَهُو مُعْطِى كُل مَخْلُوْق صِفَتِه الَّتِى عِلْمُهَا لَه فِى الْأَزَل ،وَبَعْض الْعُلَمَاء يَقُوْل ان اسْم الْبَارِىْء يُدْعَى بِه لِلْسَلَامَة مِن الأَفَات وَمَن أَكْثَر مِن ذِكْرِه نَال الْسَّلامَة مِن الْمَكْرُوْه
14-الْمُصَوِّر ::
تَقُوْل الْلُّغَة الْتَصَوَيْر هُو جَعْل الْشَّىْء عَلَى صُوْرَة ، وَالَصُّوْرَة هِى الْشَّكْل وَالْهَيْئَة
الْمُصَوِّر مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى هُو مُبْدِع صُوَر الْمَخْلُوْقَات ، وَمْزَيْنْهَا بِحِكْمَتِه ، وَمُعَطَّى كُل مَخْلُوْق صَوَّرْتُه عَلَى مَا أَقْتَضّت حِكْمَتِه الْأَزَلِيَّة ، وَكَذَلِك صُوَر الْلَّه الْنَّاس فِى الْأَرْحَام أَطْوَارا ، وَتَشْكِيل بَعْد تَشْكِيل ، ، وَكَمَا قَال الْلَّه نِعَالَى ( وَلَقَد خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِن سُلَالَة مِّن طِيْن ، ثُم جَعَلْنَاه نُطْفَة فِى قَرَار مَّكِين ، ثُم خَلَقْنَا الْنُّطْفَة عَلَقَة فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة مُضْغَة فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَاما فَكَسَوْنَا الْعِظَام لَحْما ثُم أَنْشَأْنَاه خَلْقا آَخَر فَتَبَارَك الْلَّه أَحْسَن الْخَالِقِيْن ) ، وَكَمَا يَظْهَر حُسْن الْتَصَوَيْر فِى الْبَدَن تُظْهِر حَقِيْقَة الْحَسَن أَتَم وَأَكَمَل فِى بَاب الْأَخْلاق ، وَلَم يُمْن الَلّه تَعَالَى عَلَى رَسُوْلِه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم كَمَا مِن عَلَيْه بِحُسْن الْخُلُق حَيْث قَال ( وَإِنَّك لَعَلَى خُلُق عَظِيْم ) ، وَكَمَا تَتَعَدَّد صُوَر الْابْدَان تَتَعَدَّد صُوَر الْأَخْلاق وَالطِّبَاع
15-الْغَفَّار ::
فِى الْلُّغَة الْغَفْر وَالْغُفْرَان : الْسِّتْر ، وَكُل شَىْء سَتَرْتَه فَقَد غَفَرْتَه ، وَالْغَفَّار مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى هِى سَتَرَه لِلْذُّنُوب ، وَعَفْوِه عَنْهَا بِفَضْلِه ورَّحمِنّه ، لَا بِتَوْبَة الْعِبَاد وَطَاعَتِهِم ، وَهُو الَّذِى اسْبِل الْسِّتْر عَلَى الْذُّنُوب فِى الْدُّنْيَا وَتَجَاوَز عَن عُقُوْبَتَهَا فِى الْآَخِرَة ، وَهُو الْغَافِر وَالْغَفُوْر وَالْغَفَّار ، وَالْغَفُوْر أَبْلُغ مِن الْغَافِر ، وَالْغَفَّار أَبْلُغ مَن الْغَفُوْر ، وَأَن أَوَّل سَتَر الْلَّه عَلَى الْعَبْد أَم جَعَل مَقَابَح بَدَنِه مَسْتُوْرَة فِى بَاطِنِه ، وَجَعَل خَوْاطِرُه وَارَادَتِه الْقَبِيْحَة فِى أَعَمَاق قَلْبِه وَإِلَا مَقْتِه الْنَّاس ، فَسَتَر الْلَّه عَوْرَاتِه .
وَيَنْبَغَى لِلْعَبْد الْتَأَدُّب بِأَدَب الْإِسْم الْعَظِيْم فَيَسْتُر عُيُوْب اخْوَانِه وَيَغْفُو عَنْهُم ، وَمَن الْحَدِيْث مِن لَزِم الاسْتِغْفَار جَعَل الْلَّه لَه مِن كُل هَم فَرَجَا ، وَمِن كُل ضِيْق مَخْرَجا ، وَرَزَقَه مِن حَيْث لَا يَحْتَسِب
16-الْقَهَّار ::
الْقَهْر فِى الْلُّغَة هُو الْغَلَبَة وَالتَذَلَّيل مَعَا ، وَهُو الإِسْتِيَلَاء عَلَى الْشَّىْء فِىالظَّاهِر وَالْبَاطِن .. وَالْقَاهِر وَالْقَهَّار مِن صِفَات الْلَّه تَعَالَى وَأَسْمَائِه ، وَالْقَهَّار مُبَالَغَة فِى الْقَاهِر فَاللَّه هُو الَّذِى يُقْهَر خَلْقِه بِسُلْطَانِه وَقُدْرَتِه ، هُو الْغَالِب جَمِيْع خَلْقِه رَضُوْا أَم كَرِهُوْا ، قَهَر الْانْسَان عَلَى الْنَّوْم
وَاذّا أَرَاد الْمُؤْمِن الْتَّخَلُّق بِخَلْق الْقَهَّار فَعَلَيْه أَن يَقْهَر نَّفْسِه حَتَّى تُطِيْع أَوَامِر رَبِّهَا و يَقْهَر الْشَّيْطَان و الْشَّهْوَة و الْغَضَب . رَوَى أَن أَحَد الْعَارِفِيْن دَخَل عَلَى سُلْطَان فَرَآَه يَذُب ذُبَابَة عَن وَجْهِه ، كُلَّمَا طَرَدَهَا عَادَت ، فَسَال الْعَارِف : لِم خَلَق الْلَّه الْذُّبَاب ؟ فَأَجَابَه الْعَارِف : لِيُذِل بِه الْجَبَابِرَة
17-الْوَهَّاب ::
الْهِبَة أَن تَجْعَل مُلْكِك لِغَيْرِك دُوْن عِوَض ، وَلَهَا رُكِنّنَان أَحَدُهُمَا الْتَّمْلِيْك ، وَالْأَخِر بِغَيْر عِوَض ، وَالْوَاهِب هُو الْمُعْطَى ، وَالْوَهَّاب مُبَالَغَة مِن الْوَهْب ، وَالْوَهَّاب وَالْوَاهِب مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى ، يُعْطَى الْحَاجَة بِدُوْن سُؤَال ، وَيَبْدَأ بِالْعَطِيَّة ، وَالْلَّه كَثِيْر الْنِّعَم
18-الْرَّزَّاق ::
الْرَّزَّاق مِن الْرِّزْق ، وَهُو مُعْطِى الْرِّزْق ، وَلَا تُقَال إِلَا لَلَّه تَعَالَى . وَالْأَرْزَاق نَوْعَان، " ظَاهِرَة " لِلْأَبْدَان " كَالْأَكْل ، و " بَاطِنَة " لِلْقُلُوْب وَالْنُّفُوْس كَالْمَعَارِف وَالْعُلُوم ، وَالْلَّه اذَا أَرَاد بِعَبْدِه خَيْرَا رَزَقَه عِلْما هَادِيَا ، وَيَدَا مَنْفَقَة مُتَصَدَقة ، وَإِذَا أَحَب عَبْدا أَكْثَر حَوَائِج الْخَلْق الَيْه ، وَإِذَا جَعَلَه وَاسِطَة بَيْنَه وَبَيْن عِبَادِه فِى وُصُوْل الْأَرْزَاق الَيْهِم نَال حَظّا مِن اسْم الْرَّزَّاق
قَال الْنَّبِى صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ( مَا أَحَد أَصْبَر عَلَى أَذَى سَمِعَه ..مِن الْلَّه ،يُدَّعَوْن لَه الْوَلَد ثُم يُعَافِيَهِم وَيَرْزُقُهُم ) ، وَأَن مَن اسْبَاب سَعَة الْرِّزْق الْمُحَافَظَة عَلَى الصَّلَاة وَالْصَّبْر عَلَيْهَا
19-الْفَتَّاح ::
الْفَتْح ضِد الْغَلْق ، وَهُو أَيْضا الْنَّصْر ، وَالِاسْتِفْتَاح هُو الِاسْتِنْصَار ، وَالْفَتَّاح مُبَاغَة فِى الْفَتْح وَكُلُّهَا مِن أَسْمَاء الْلَّه تَعَالَى ، الْفَتَّاح هُو الَّذِى بِعِنَايَتِه يَنْفَتِح كُل مُغْلَق ، وَبِهِدَايَتِه يَنْكَشِف كُل مُشْكِل ، فَتَارَة يَفْتَح الْمَمَالِك لِأَنْبِيَائِه ، وَتَارَة يَرْفَع الْحِجَاب عَن قُلُوْب أَوْلِيَائِه وَيَفْتَح لَهُم الْأَبْوَاب الَى مَلَكُوْت سَمَائِهَا ، وَمَن بِيَدِه مَفَاتِيْح الْغَيْب وَمَفَاتِيْح الْرِّزْق ، وَّسُبْحَانَه يَفْتَح لِلْعَاصِيْن أَبْوَاب مَغْفِرَتِه ، و يَفْتَح أَبْوَاب الْرِّزْق لِّلْعِبَاد
20-الْعَلِيْم ::
الْعَلِيْم لَفْظ مُشْتَق مِن الْعِلْم ، وَهُوَأَدْرَاك الْشَّىْء بِحَقِيْقَتِه ، وَّسُبْحَانَه الْعَلِيْم هُو الْمُبَالِغ فِى الْعِلْم ، فَعِلْمُه شَامِل لِجَمِيْع الْمَعْلُوْمَات مُحِيْط بِهَا ، سَابِق عَلَى وُجُوْدِهَا ، لَا تَخْفَى عَلَيْه خَافِيَة ، ظَاهِرَة وَبَاطِنَة ، دَقِيْقَة وَجَلِيْلَة ، أَوَّلَه وَآَخِرَه ، عِنْدَه عِلْم الْغَيْب وَعَلَّم الْسَّاعَة ، يَعْلَم مَا فِى الْأَرْحَام ، وَيَعْلَم مَا تَكْسِب كُل نَفْس ، وَيَعْلَم بِأَى أَرْض تَمُوْت .
وَالْعَبْد إِذَا أَرَاد الْلَّه لَه الْخَيْر وَهَبَه هِبَة الْعِلْم ، وَالْعِلْم لَه طُغْيَان أَشَد مِن طُغْيَان الْمَال وَيَلْزَم الْأِنْسَان الَا يَغْتَر بِعِلْمِه ، رَوَى أَن جِبْرِيْل قَال لِخَلِيل الْلَّه ابْرَاهِيْم وَهُوَفِى مِحْنَتِه ( هَل لَك مِن حَاجَة ) فَقَال أِبْرَاهِيْم ( أَمَّا الَيْك فَلَا ) فَقَال لَه جِبْرِيْل ( فَاسْأَل الْلَّه تَعَالَى ) فَقَال ابْرَاهِيْم ( حَسْبِى مَن سُؤَالِى عِلْمِه بِحَالِى ) . وَمَن عَلِم أَنَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى الْعَلِيْم أَن يُسْتَحْى مِن الْلَّه وَيَكُف عَن مَعَاصِيْه وَمَن عَرَف أَن الْلَّه عَلِيِّم بِحَالِه صَبْر عَلَى بَلِيَّتَه وَشَكَر عَطِيَّتَه وَأَعْتَذِر عَن قُبْح خَطِيْئَتُه
21-الْقَابِض ::
الْقَبْض هُو الْأَخْذ ، وَجَمَع الْكَف عَلَى شَىْء ، و قَبْضُه ضِد بَسَطَه، الْلَّه الْقَابِض مَعْنَاه الَّذِى يَقْبِض الْنُّفُوْس بِقَهْرِه وَالْأَرْوَاح بِعَدْلِه ، وَالْأَرْزَاق بِحِكْمَتِه ، وَالْقُلُوْب بِتَخْوِيفُهَا مِن جَلَالِه . وَالْقَبْض نِعْمَة مَن الْلَّه تَعَالَى عَلَى عِبَادِه ، فَإِذَا قَبَض الْأَرْزَاق عَن انّسَان تُوَجَّه بِكُلِّيَّتِه لِلَّه يَسْتَعْطِفُه ، وَإِذَا قَبَض الْقُلُوْب فَرَّت دَاعِيَة فِى تَفْرِيْج مَا عِنْدَهَا ، فَهُو الْقَابِض الْبَاسِط
وَهُنَاك أَنْوَاع مِن الْقَبْض الْأَوَّل : الْقَبْض فِى الْرِّزْق ، وَالْثَّانِى : الْقَبْض فِى الْسَّحَاب كَمَا قَال تَعَالَى ( الْلَّه الَّذِى يُرْسِل الْسَّحَاب فَيَبْسُطُه فِى الْسَّمَاء كَيْف يَشَاء وَيَجْعَلُه كِسَفا فَتَرَى الْوَدْق يَخْرُج مِن خِلَالِه فَاذَا أَصَاب بِه مَن يَشَاء مِن عِبَادِه اذَا هُم يَسْتَبْشِرُوْن ) ، الْثَّالِث : فِى الظِّلَال وَالْأَنْوَار وَالْلَّه يَقُوْل ( أَلَم تَرَى الَى رَبِّك كَيْف مَد الْظِّل وَلَو شَاء لَجَعَلَه سَاكِنا ثُم جَعَلْنَا الْشَّمْس عَلَيْه دَلِيْلا ثُم قَبَضْنَاه الَيْنَا قَبْضا يَسِيْرا ) ، الْرَّابِع : قُبِض الْأَرْوَاح ، الْخَامِس : قُبِض الْأَرْض قَال تَعَالَى ( وَمَا قَدَرُوْا الْلَّه حَق قَدْرِه وَالْأَرْض جَمِيْعا قَبْضَتُه يَوْم الْقِيَامَة وَالْسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِيْنِه سُبْحَانَه وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُوْن ) ، الْسَّادِس قُبِض الْصَّدَقَات ، الْسَّابِع: قُبِض الْقُلُوْب
22-الْبَاسِط ::
بَسَط بِالْسِّين أَو بِالْصَّاد هِى نَشْرُه ، وَمَدَّه ، وَسِرَّه ، الْبَاسِط مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى مَعْنَاه الْمُوْسِع لِلْأَرْزَاق لِمَن شَاء مِن عِبَادِه ، وَأَيْضا هُو مُبَسَّط الْنُّفُوْس بِالْسُّرُوْر وَالْفَرَح ، وَقِيْل : الْبَاسِط الَّذِى يَبْسُط الْرِّزْق لِلْضُّعَفَاء ، وَيَبْسُط الْرِّزْق لِلْأَغْنِيَاء حَتَّى لَا يَبْقَى فَاقَة ، وَيَقْبِضَه عَن الْفُقَرَاء حَتَّى لَا تَبْقَى طَاقَة .
يَذَّكَّر اسْم الْقَابِض وَالْبَاسِط مَعَا ، لَا يُوْصَف الْلَّه بِالْقَبْض دُوْن الْبَسْط ، يَعْنِى لَا يُوْصَف بِالْحِرْمَان دُوْن الْعَطَاء ، وَلَا بِالْعَطَاء دُوْن الْحِرْمَان
23-الْخَافِض::
الْخَفْض ضَد الْرَّفْع ، وَهُو الانْكِسَار وَالَلِّيْن ، الْلَّه الْخَافِض الَّذِى يُخَفِّض بِالأَذْلَال أَقْوَاما وَيُخَفِّض الْبَاطِل ، وَالْمُذِل لِمَن غَضِب عَلَيْه ، وَمَسْقَط الْدَّرَجَات لِمَن اسْتَحَق
وَعَلَى الْمُؤْمِن أَن يُخَفَّض عِنْدَه ابْلِيْس وَأَهْل الْمَعَاصِى ، وَأَن يَخْفِض جَنَاح الذُّل مِن الْرَّحْمَة لِوَالِدَيْه وَالْمُؤْمِنِيْن
24-الْرَّافِع::
الْرَّافِع سُبْحَانَه هُو الَّذِى يَرْفَع اوْلِيَائِه بِالْنَصْر ، وَيَرْفَع الْصَّالِحِيْن بِالْتَّقَرُّب ، وَيَرْفَع الْحَق ، وَيَرْفَع الْمُؤْمِنِيْن بِالْإِسْعَاد
وَالْرَّفْع يُقَال تَارَة فِى الْأَجْسَام الْمَوْضُوْعَة إِذَا أَعْلَيْتَهَا عَن مَقَرِّهَا ، كَقَوْلِه تَعَالَى ( الَّذِى رَفَع الْسَّمَوَات بِغَيْر عَمَد تَرَوْنَهَا ) ، وَتَارَة فِى الْبِنَاء إِذَا طَوَّلْتَه كَقَوْلِه تَعَالَى ( وَإِذ يَرْفَع ابْرَاهِيْم الْقَوَاعِد مِن الْبَيْت وَاسْمَاعِيْل ) ، وَتَارَة فِى الْذِّكْر كَقَوْلِه تَعَالَى ( وَرَفَعْنَا لَك ذِكْرَا " ) ، وَتَارَة فِى الْمَنْزِلَة اذَا شُرْفَتِهَا كَقَوْلِه تَعَالَى ( وَرَفَعْنَا بَعْضَهُم فَوْق بَعْض دَرَجَات )
25-الْمَعْز::
الْمَعْز هُو الَّذِى يَهَب الْعِز لِمَن يَشَاء ، الْلَّه الْعَزِيْز لِأَنَّه الْغَالِب الْقُوَى الَّذِى لَا يَغْلِب ، وَهُوَالَّذِى يَعِز الْأَنْبِيَاء بِالْعِصْمَة وَالْنَّصْر ، وَيُعِز الْأَوْلِيَاء بِالْحِفْظ وَالْوِجَاهِه ، وَيُعِز الْمُطِيْع وَلَو كَان فَقِيْرا ، وَيَرْفَع الْتَقَى وَلَو كَان عَبْد حَبَشِيا
وَقَد اقْتَرَن اسْم الْعَزِيْز بِاسْم الْحَكِيْم ..وَالْقُوَى..وَذِى الْأِنْتِقام ..وَالْرَّحِيْم ..وَالْوَهَّاب..وَالْغَفَّار وَالْغَفُوْر..وَالْحَمِيْد..وَالْعَلِيْم..وَالْمُقْتَدِر..وَالْجَبَّار . وَقَد رُبِط الْلَّه الْعِز بِالْطَّاعَة، فَهِى طَاعَة وَنُوْر وَكَشْف حِجَاب ، وَرَبَط سُبْحَانَه الذُّل بِالْمَعْصِيَة ، فَهِى مَعْصِيَة وَذَل وَظُلْمَة وَحِجَاب بَيْنَك وَبَيْن الْلَّه سُبْحَانَه، وَالْأَصْل فِى اعْزَاز الْحَق لِعِبَادِه يَكُوْن بِالْقَنَاعَة ، وَالْبُعْد عَن الْطَّمَع
26-الْمُذِل ::
الْذُّل مَا كَان عَن قَهْر ، وَالدَّابَّة الْذَّلُوْل هِى الْمُنْقَادَة غَيْر مُتَصّعْبة ، وَالْمُذِل هُو الَّذِى يُلْحِق الْذُّل بِمَن يَشَاء مِن عِبَادِه ، إِن مَن مَد عَيْنَه الَى الْخَلْق حَتَّى أَحْتَاج الَيْهِم ، وَسَلَط عَلَيْه الْحِرْص حَتَّى لَا يَقْنَع بِالْكِفَايَة ، وَاسْتَدَرَجّه بِمَكْرِه حَتَّى اغْتَر بِنَفْسِه ، فَقَد أَذَلَّه وَسَلَبَه ، وَذَلِك صُنْع الْلَّه تَعَالَى ، يَعِز مَن يَشَاء وَيُذِل مَن يَشَاء وَالْلَّه يَذِّل الْأِنْسَان الْجَبَّار بِالْمَرَض أَو بِالْشَّهْوَة أَو بِالْمَال أَو بِالِاحْتِيَاج الَى سِوَاه ، مَا أَعَز الْلَّه عَبْد بِمِثْل مَا يُذِلُّه عَلَى ذَل نَفْسِه ، وَمَا أَذَل الْلَّه عَبْدا بِمِثْل مَا يَشْغَلُه بِعِز نَفْسِه ، وَقَال تَعَالَى وَلِلَّه الْعِزَّة وَلِرَسُوْلِه وَلِلْمُؤْمِنِيْن
27-الْسَّمِيْع::
الْلَّه هُو الْسَّمِيْع ، أَى الْمُتَّصِف بِالْسَّمْع لِجَمِيْع الْمَوْجُوْدَات دُوْن حَاسَّة أَو آَلَة ، هُو الْسَّمِيْع لِنِدَاء الْمُضْطَرِّيْن ، وَحَمِد الْحَامِدِيْن ، وَخَطَرَات الْقُلُوْب وَهَوَاجِس الْنُّفُوْس ،و مُنَاجَاة الْضَّمَائِر ، وَيَسْمَع كُل نَجْوَى ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْه شَىْء فِى الْأَرْض أَو فِى الْسَّمَاء ، لَا يَشْغَلُه نِدَاء عَن نِدَاء، وَلَا يَمْنَعُه دُعَاء عَن دُعَاء
وَقَد يَكُوْن الْسَّمْع بِمَعْنَى الْقَبُوْل كَقَوْل النَّبِى عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام : ( الْلَّهُم إِنِّى أَعُوْذ بِك مِن قَوْل لَا يُسْمَع ) ، أَو يَكُوْن بِمَعْنَى الْإِدْرَاك كَقَوْلِه تَعَالَى ( قَد سَمِع الْلَّه قَوْل الَّتِى تُجَادِلُك فِى زَوْجِهَا ) . أَو بِمَعْنَى فَهُم وَعَقَل مَثَل قَوْلُه تَعَالَى ( لَا تَقُوْلُوْا رَاعِنَا قُوْلُوْا نَظَرْنَا وَاسْمَعُوْا ) ، أَو بِمَعْنَى الِانْقِيَاد كَقَوْلِه تَعَالَى ( سَمَّاعُوْن لِلْكَذِب) وَيَنْبَغَى لِلْعَبْد أَن يَعْلَم أَن الْلَّه لَم يَخْلُق لَه الْسَّمْع إِلَا لَيَسْمَع كَلَام الْلَّه الَّذِى أَنْزَلَه عَلَى نَبِيِّه فَيَسْتَفِيْد بِه الْهِدَايَة ، إِن الْعَبْد إِذَا تَقَرَّب الَى رَبِّه بِالْنَّوَافِل أَحَبَّه الْلَّه فَأَفَاض عَلَى سَمْعِه نُوْرا تُنَفِّذ بِه بَصِيْرَتَه الَى مَا وَرَاء الْمَادَّة
28-الْبَصِيْر::
الْبَصَر هُو الْعَيْن ، أَو حَاسَّة الْرُّؤْيَة ، وَالْبَصِيْرَة عَقِيْدَة الْقَلْب ، وَالْبَصِيْر هُو الْلَّه تَعَالَى ، يُبْصِر خَائِنَة الْأَعْيُن وَمَا تُخْفِى الْصُّدُوْر ، الَّذِى يُشَاهَد الْأَشْيَاء كُلَّهَا ، ظَاهِرِهَا وَخَافِيْهَا ، الْبَصِيْر لِجَمِيْع المُوَجَدَات دُوْن حَاسَّة أَو آَلَة
وَعَلَى الْعَبْد أَن يَعْلَم أَن الْلَّه خَلَق لَه الْبَصَر لِيَنْظُر بِه الَى الْآَيَات وَعَجَائِب الْمَلَكُوْت وَيَعْلَم أَن الْلَّه يَرَاه وَيَسْمَعُه وَقَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم : ( الْإِحْسَان أَن تَعْبُد الْلَّه كَأَنَّك تَرَاه ، فَإِن لَم تَرَه فَإِنَّه يَرَاك ) ، رَوَى أَن بَعْض الْنَّاس قَال لِعِيْسَى بْن مَرْيَم عَلَيْه الْسَّلَام: هَل أَجِد مِن الْخَلْق مِثْلُك ، فَقَال : مِن كَان نَظَرُه عِبْرَة ، وَيَقَظَتِه فِكْرَه ، وَكَلَامُه ذِكْرا فَهُو مِثْلِى
29-الْحُكْم::
الْحُكْم لَغَوِيا بِمَعْنَى الْمَنْع ، وَالْحُكْم اسْم مَن الْسَّمَاء الْلَّه الْحُسْنَى ، هُو صَاحِب الْفِصَل بَيْن الْحَق وَالْبَاطِل ، وَالْبَار وَالْفَاجِر ، وَالْمُجَازّى كُل نَفْس بِمَا عَمِلَت ، وَالَّذِى يُفَصِّل بَيْن مَخْلُوْقَاتِه بِمَا شَاء ، الْمُمَيِّز بَيْن الْشَّقِى وَالسَّعِيْد بِالْعِقَاب وَالْثَّوَاب . وَالْلَّه الْحَكَم لَا رَاد لِقَضَائِه ، وَلَا رَاد لِقَضَائِه ، وَلَا مُعَقِّب لِحُكْمِه ، لَا يَقَع فِى وَعْدَه رَيْب ، وَلَا فِى فَعَلَه غَيْب ، وَقَال تَعَالَى : وَاتَّبِع مَا يُوْحَى الَيْك وَاصْبِر حَتَّى يَحْكُم الْلَّه وَهُو خَيْر الْحَاكِمِيْن
قَال الْرَّسُوْل عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام : ( مِن عُرْف سَر الْلَّه فِى الْقَدَر هَانَت عَلَيْه الْمَصَائِب ) ، وَحَظ الْعَبْد مِن هَذَا الِاسْم الْشَّرِيف أَن تَكُوْن حَاكِما عَلَى غَضَبِك فَلَا تَغْضَب عَلَى مَن أَسَاء الَيْك ، وَأَن تَحْكُم عَلَى شَهْوَتَك إِلَا مَا يَسَّرَه الْلَّه لَك ، وَلَا تَحْزَن عَلَى مَا تَعَسَّر ، وَتَجْعَل الْعَقْل تَحْت سُلْطَان الْشَّرْع ، وَلَا تَحْكُم حُكْما حَتَّى تَأْخُذ الْأُذُن مِن الْلَّه تَعَالَى الْحُكْم الْعَدْل
30-الْعَدْل::
الْعَدْل مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى ، هُو الْمُعْتَدِل ، يَضَع كُل شَىْء مَوْضِعِه ، لِيَنْظُر الْأِنْسَان الَى بَدَنِه فَإِنَّه مُرَكَّب مِن أَجْسَام مُخْتَلِفَة، هِى: الْعَظْم.. الْلَّحْم .. الْجِلْد ..، وَجَعَل الْعَظْم عِمَادَا.. وَاللَّحْم صَوَّانَا لَه .. وَالْجِلْد صَوَّانَا لِلَّحْم ، فَلَو عَكَس الْتَّرْتِيْب وَأَظْهَر مَا أَبْطَن لَبَطَل الْنِّظَام ، قَال تَعَالَى ( بِالْعَدْل قَامَت الْسَّمَوَات وَالْأَرْض ) ، هُو الْعَدْل الَّذِى يُعْطِى كُل ذِى حَق حَقَّه ، لَا يَصْدُر عَنْه إِلَّا الْعَدْل ، فَهُو الْمُنَزَّه عَن الْظُّلْم وَالْجَوْر فِى أَحْكَامِه وَأَفْعَالِه ، وَقَال تَعَالَى ( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْن الْنَّاس أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْل ) ، وَحَظ الْعَبْد مِن اسْم الْعَدْل أَن يَكُوْن وَسَطا بَيْن طَرَفَى الْأَفْرَاط وَالْتَّفْرِيْط ، فَفِى غَالِب الْحَال يُحْتَرَز عَن الْتَّهَوُّر الَّذِى هُو الْأَفْرَاط ، وَالْجُبْن الَّذِى هُو الْتَّفْرِيْط ، وَيَبْقَى عَلَى الْوَسَط الَّذِى هُو الْشَّجَاعَة ، وَقَال تَعَالَى ( وَكَذَلِك جَعَلْنَاكُم أُمَّة وَسَطا لِتَكُوْنُوْا شُهَدَاء عَلَى الْنَّاس ) الْآَيَة
31-اللَّطِيْف ::
اللَّطِيْف فِى الْلُّغَة لَهَا ثَلَاث مَعَانِى الْأَوَّل : أَن يَكُوْن عَالِما بِدَقَائِق الْأُمُور ، الْثَّانِى : هُو الْشَّىْء الْصَّغِيْر الْدَّقِيْق ، الْثَّالِث : أَطِيْف إِذَا رَفَق بِه وَأَوْصَل الَيْه مَنَافِعُه الَّتِى لَا يَقْدِر عَلَى الْوُصُوْل الَيْهَا بِنَفْسِه . وَاللَّطِيْف بِالْمَعْنَى الْثَّانِى فِى حَق الْلَّه مُسْتَحِيْل ، وَقَوْلُه تَعَالَى ( الْلَّه لَطِيْف بِعِبَادِه ) يَحْتَمِل المَعِنِين الْأَوَّل وَالْثَّالِث ، وَإِن حُمِلَت الْآَيَة عَلَى صِفَة ذَات الْلَّه كَانَت تَخْوِيْفا لِأَنَّه الْعَالَم بِخَفَايَا الْمُخَالَفَات بِمَعْنَى قَوْلِه تَعَالَى ( يَعْلَم خَائِنَة الْأَعْيُن وَمَا تُخْفِى الْصُّدُوْر ) . وَالْلَّه هُو اللَّطِيْف الَّذِى اجْتَمَع لَه الْرِّفْق فِى الْعَقْل ، وَالْعِلْم بِدَقَائِق الْأُمُور وَإِيْصَالُهَا لِمَن قَدَّرَهَا لَه مِن خَلْقِه ، فِى الْقُرْآَن فِى أَغْلَب الْأَحْيَان يَقْتَرِن اسْم اللَّطِيْف بِاسْم الْخَبِيْر فَهُمَا يَتَلَاقَيَان فِى الْمَعْنَى
32-الْخَبِيْر::
الْلَّه هُو الْخَبِيْر ، الَّذِى لَا يَخْفَى عَلَيْه شَىْء فِى الْأَرْض وَلَا فِى الْسَّمَاء ، وَلَا تَتَحَرَّك حَرَكَة إِلَّا يَعْلَم مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا . وَالْفَرْق بَيْن الْعَلِيْم وَالْخَبِير ، أَن الْخَبِيْر بِفَيْد الْعِلْم ، وَلَكِن الْعَلِيْم إِذَا كَان لِلْخَّفَايَّا سَمَّى خَبِيْرا . وَمَن عَلِم أَن الْلَّه خَبِيْر بِأَحْوَالِه كَان مُحْتَرِزا فِى أَقْوَالِه وَأَفْعَالِه وَاثِقَا أَن مَا قَسَم لَه يُدْرِكْه ، وَمَا لَم يُقْسَم لَه لَا يُدْرِكُه فَيَرَى جَمِيْع الْحَوَادِث مِن الْلَّه فَّتَهُوْن عَلَيْه الْأُمُور ، وَيُكْتَفَى بِأَسْتِحْضَار حَاجَتِه فِى قَلْبِه مِن غَيْر أَن يَنْطِق لِسَانُه
33-الْحَلِيْم::
الْحَلِيْم لَغَوِيا : الْأَنَاة وَالْتَّعَقُّل ، وَالْحَلِيْم هُو الَّذِى لَا يُسَارِع بِالْعُقُوبَة ، بَل يَتَجَاوَز الْزَّلات وَيَعْفُو عَن الْسَّيِّئَات ، الْحَلِيْم مِن أَسْمَاء الْلَّه الْحُسْنَى بِمَعْنَى تَأْخِيْرُه الْعُقُوْبَة عَن بَعْض الْمُسْتَحِقِّيْن ثُم يُعَذِّبْهُم ، وَقَد يَتَجَاوَز عَنْهُم ، وَقَد يُعَجِّل الْعُقُوبَة لِبَعْض مِنْهُم وَقَال تَعَالَى ( وَلَو يُؤَاخِذ الْلَّه الْنَّاس بِمَا كَسَبُوَا مَا تَرَك عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّة ) . وَقَال تَعَالَى عَن سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْم ( إِن ابْرَاهِيْم لَحَلِيْم آَوَاه مُّنِيْب ) ، وَعَن إِسْمَاعِيْل ( فَبَشَّرْنَاه بِغُلَام حَلِيْم ) . وَرَوَّى أَن إِبْرَاهِيْم عَلَيْه الْسَّلَام رَأَى رَجُلا مُشْتَغِلِا بِمَعْصِيَة فَقَال ( الْلَّهُم أَهْلَكَه ) فَهَلَك ، ثُم رَأَى ثَانِيا وَثَالِثا فَدَعَا فَهَلَكُوا ، فَرَأَى رَابِعا فَهُم بِالْدُّعَاء عَلَيْه فَأَوْحَى الْلَّه الَيْه : قِف يَا إِبْرَاهِيْم فَلَو أَهْلَكْنَا كُل عَبْد عَصَا مَا بَقِى إِلَا الْقَلِيْل ، وَلَكِن إِذَا عَصَى أَمْهِلْنَاه ، فَإِن تَاب قَبِلْنَاه ، وَإِن أَصَر أَخِّرْنَا الْعِقَاب عَنْه ، لِعِلْمِنَا أَنَّه لَا يَخْرُج عَن مَلِكِنَا
34-الْعَظِيْم ::
الْعَظِيْم لَغَوِيا بِمَعْنَى الضَّخَامَة وَالْعِز وَالْمَجْد وَالْكِبْرِيَاء ، وَالْلَّه الْعَظِيْم أَعْظَم مِن كُل عَظِيْم لِأَن الْعُقُوْل لَا يَصِل الَى كَنَّة صَمَدِيَّتِه ، وَالْأَبْصَار لَا تُحِيْط بِسُرَادَقَات عِزَّتِه ، وَكُل مَا سِوَى الْلَّه فَهُو حَقِيْر بَل كَالْعَدَم الْمَحْض ، وَقَال تَعَالَى ( فَسَبِّح بِاسْم رَبِّك الْعَظِيْم ) وَقَد كَان الْنَّبِى صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يَدْعُو عِنْد الْكَرْب : ( لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه الْعَظِيْم ، لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه رَب الْعَرْش الْعَظِيْم ، لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه رَب الْسَّمَاوَات وَرَب الْعَرْش الْعَظِيْم ) . قَال تَعَالَى : ( ذَلِك وَمَن يُعَظِّم شَعَائِر الْلَّه فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوْب ) وَحَظ الْعَبْد مِن هَذَا الِاسْم أَن مِن يُعَظِّم حُرُمَات الْلَّه وَيُحْتَرَم شَعَائِر الْدِّيْن ، وَيُوَقِّر كُل مَا نُسِب الَى الْلَّه فَهُو عَظِيْم عِنْد الْلَّه وَعِنْد عِبَادِه
35-الْغَفُوْر::
الْغَفُوْر مِن الْغَفْر وَهُو السِّتْر ، وَالْلَّه هُو الْغَفُوْر بِغُفْر فَضْلَا وَإِحْسَانا مِنْه ، هُو الَّذِى إِن تَكَرَّرَت مِنْك الْإِسَاءَة وَأَقْبَلَت عَلَيْه فَهُو غْفارِك وَسَاتَرَك ، لِتَطْمَئِن قُلُوْب الْعُصَاة ، وَتَسْكُن نُفُوْس الْمُجْرِمِيْن ، وَلَا يَقْنَط مُجْرِم مِن رَّوْح الْلَّه فَهُو غَافِر الْذَّنْب وَقَابِل الْتَّوْبَة
وَالْغَفُوْر .. هُو مِن يَغْفِر الْذُّنُوب الْعِظَام ، وَالْغَفَّار .. هُو مِن يَغْفِر الْذُّنُوب الْكَثِيْرَة . وَعَلَّم الْنَبِى صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ابُو بَكْر الْصِّدِّيق الْدُّعَاء الَأَتَى : الْلَّهُم إِنِّى ظَلَمْت نَفْسِى ظُلْما كَثِيْرا ، وَلَا يَغْفِر الْذُّنُوب إِلَا أَنْت ، فَأَغْفِر لِى مَغْفِرَة مِن عِنْدِك ، وَارْحَمْنِى إِنَّك انْت الْغَفُوْر الْرَّحِيْم
36-الْشَّكُوْر ::
الْشُّكْر فِى الْلُّغَة هِى الْزِّيَادَة ، يُقَال شَكَر فِى الْأَرِض إِذَا كَثُر الْنَّبَات فِيْهَا ، وَالْشَّكُوْر هُو كَثِيْر الْشُّكْر ، وَالْلَّه الْشَّكُوْر الَّذِى يَنْمُو عِنْدَه الْقَلْيْل مِن أَعْمَال الْعَبْد فَيُضَاعِف لَه الْجَزَاء ، وَشُكْرِه لِعَبْدِه هِى مَغْفِرَتِه لَه ، يُجَازَى عَلَى يَسِيْر الطَّاعَات بِكَثِيْر الْخَيْرَات ، وَمِن دَلَائِل قَبُوْل الْشُّكْر مِن الْعَبْد الْزِّيَادَة فِى الْنِّعْمَة ، وَقَال تَعَالَى ( لَئِن شَكَرْتُم لَأَزِيْدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرْتُم إِن عَذَابِى لَشَدِيْد ) ، وَالْشُّكْر مَن الْلَّه مَعْنَاه أَنَّه تَعَالَى قَادِرا عَلَى إِثَابَة الْمُحْسِنِيْن وَهُو لَا يُضِيْع أَجْر مَن أَحْسَن عَمَلا
37-الْعَلِي::
الْعُلُو هُو ارْتِفَاع الْمَنْزِلَة ، وَالْعُلَّى مِن أَسْمَاء الْتَّنْزِيْه ، فَلَا تُدْرِك ذَاتِه وَلَا تُتَصَوَّر صِفَاتِه أَو ادْرَاك كَمَالِه ، وَالْفَرْق بَيْن الْعُلَى .. وَالْمُتَعَالَى أَن الْعُلَى هُو لَيْس فَوْقَه شَىْء فِى الْمَرْتَبَة أَو الْحُكْم ، وَالْمُتَعَالَى هُو الَّذِى جَل عَن إِفْك الْمُفْتَرِيْن ، وَالْلَّه سُبْحَانَه هُو الْكَامِل عَلَى الْإِطْلَاق فَكَان أَعْلَى مَن الْكُل
وَحَظ الْعَبْد مِن الِاسْم هُو أَلَّا يُتَصَوَّر أَن لَه عُلُوّا مُطْلَقا ، حَيْث أَن أَعْلَى دَرَجَات الْعُلُو هِى لِلْأَنْبِيَاء ، وَالْمَلائِكَة ، وَعَلَى الْعَبْد أَن يُتَذَلَّل بَيْن يَدَى الْلَّه تَعَالَى فَيَرْفَع شَأْنِه وَيَتَعَالَى عَن صَغَائِر الْأُمُور
38-الْكَبِيْر ::الْكَبِيْر هُو الْعَظِيْم ، وَالْلَّه تَعَالَى هُو الْكَبِيْر فِى كُل شَىْء عَلَى الْإِطْلَاق وَهُوَالَّذِى مَبَر وَعَلَّا فِى "ذَاتِه" و "صِفَاتِه" و"افْعَالِه" عَن مُشَابَهَة مَخْلُوْقَاتِه ، وَهُو صَاحِب كَمَال الْذَّات الَّذِى يَرْجِع الَى شَيْئَيْن الْأَوَّل : دَوَامُه أَزَلا وَأَبَدا ، وَالْثَّانِى :أَن وُجُوْدِه يُصْدِر عَنْه وُجُوْد كُل مَوْجُوْد ، وَجَاء اسْم الْكَبِيْر فِى الْقُرْآَن خَمْسَة مَرَّات .أَرْبَع مِنْهُم جَاء مُقْتَرِنَا بِاسْم (الْعُلَى ) . وَالْكَبِيْر مِن الْعِبَاد هُو الْتَّقِى الْمُرْشِد لِلْخَلْق ، الْصَّالِح لِيَكُوْن قُدْوَة لِلْنَّاس ، يُرْوَى أَن الْمَسِيْح عَلَيْه الْسَّلَام قَال : مِن عِلْم وَعَمَل فَذَلِك يُدْعَى عَظِيْمَا فِى مَلَكُوْت الْسَّمَوَات
39-الْحَفِيْظ ::
الْحَفِيْظ فِى الْلُّغَة هِى صَوْن الْشَّىْء مَن الْزَّوَال ، وَالْلَّه تَعَالَى حَفِيْظ لِلْأَشْيَاء بِمَعْنَى أَوَّلَا :أَنَّه يَعْلَم جُمَلِهَا وَتَفْصِيْلِهَا عِلْمَا لَا يَتَبَدَّل بِالْزَّوَال ، وَثَانِيَا :هُو حِرَاسَة ذَات الْشَّىْء وَجَمِيْع صِفَاتِه وَكَمَالَاتِه عَن الْعَدَم وَقَال رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم ( إِذَا أَوَيْت الَى فِرَاشِك فَأَقْرَأ آَيَة الْكُرْسِى ، لَايَزَال عَلَيْك الْلَّه حَارِس ) ، وَحَظ الْعَبْد مِن الِاسْم أَن يُحَافِظ عَلَى جَوَارِحِه مِن الْمَعَاصِى ، وَعَلَى قَلْبِه مِن الْخَطَرَات وَأَن يَتَوَسَّط الْأُمُور كَالْكَرْم بَيْن الْاسْرَاف وَالْبُخْل
40-الْمُقِيْت ::
الْقُوَّت لَغَوِيا هُو مَايُمْسِك الْرَّمَق مِن الْرِّزْق ، وَالْلَّه الْمُقِيْت بِمَعْنَى هُو خَالِق الْأَقْوَات وَمُوَصْلَهَا لِلْأَبْدَان وَهِى:الْأَطْعِمَة وَالَى الْقُلُوْب وَهِى :الْمَعْرِفَة ، وَبِذَلِك يَتَطَابَق مَع اسْم الْرَّزَّاق وَيَزِيْد عَنْه أَن الْمُقِيْت بِمَعْنَى الْمَسْئُوْل عَن الْشَّىْء بِالْقُدْرَة وَالْعِلْم ، وَيُقَال أَن الَّلَه سُبْحَانَه وَتَعَالَى جَعَل أَقْوَات عِبَادِه مُخْتَلِفَة فَمِنْهُم مَّن جَعَل قُوَّتِه الْأَطْعِمَة وَالْأَشْرِبَة وَهُم:الْآدَمِيُّون وَالْحَيَوَانَات ، وَمِنْهُم مَن جَعَل قُوَّتِه الْطَّاعَة وَالتَّسْبِيْح وَهُم:الْمَلَائِكَة ، وَمِنْهُم مَن جَعَل قُوَّتِه الْمَعَانِى وَالْمَعَارِف وَالْعَقْل وَهُم الْأَرْوَاح
وَحَظ الْعَبْد مِن الِاسْم أَلَا تَطْلُب حَوَائِجَك كُلَّهَا إِلَّا مِن الْلَّه تَعَالَى لِأَن خَزَائِن الْأَرْزَاق بِيَدِه ، وَيَقُوْل الْلَّه لِمُوْسَى فِى حَدِيْثِه الْقُدُسِى : يَا مُوْسَى اسْأَلْنّى فِى كُل شَىْء حَتَّى شِرَاك نَعْلِك وَمُلِح طَعَامِك
41-الْحَسِيْب ::
الْحَسِيْب فِى الْلُّغَة هُو الْمُكَافِىء .وَالِاكْتِفَاء .وَالْمُحَاسِب . وَالْشَّرِيِف الَّذِى لَه صِفَات الْكَمَال ، وَالْلَّه الْحَسِيْب بِمَعْنَى الَّذِى يُحَاسَب عِبَادِه عَلَى أَعْمَالِهِم ، وَالَّذِى مِنْه كِفَايَة الْعِبَادَه وَعَلَيْه الِاعْتِمَاد ، وَهُو الْشَّرَف الَّذِى لَه صِفَات الْكَمَال وَالْجَلَال وَالْجَمَال . وَمَن كَان لَه الْلَّه حَسِيْبا كَفَاه الْلَّه ، وَمَن عَرَف أَن الَّلَه تَعَالَى يُحَاسِبُه فَإِن نَفْسَه تُحَاسِبُه قَبْل أَن يُحَاسَب
42-الْجَلِيْل ::
الْجَلِيْل هُو الْلَّه ، بِمَعْنَى الْغِنَى وَالْمَلَك وَالِتُقُدّس وَالْعِلْم وَالْقُدْرَة وَالْعِزَّة وَالنَّزَا |
|
| موضوع: رد: اسماء الله الحسنى ومعانيها ـأ الأحد سبتمبر 04, 2011 4:24 am | |
| يعطيكك العافيه على الموضوع الرائع |
|