موضوع: للباحث عن السعادة أنصت لكتاب الله الخميس أغسطس 18, 2011 5:39 pm
عفواً .. هذا الموضوع مخصص إلى الباحث عن السعادة وراحة النفس !
( أنصت لكلام الله )
هدِّئ أعصابك بالإنصات إلى كتاب ربك ، تلاوةً ممتعةً حسنةً مؤثرةً من كتاب الله ، تسمعها من قارئ مجوِّد حسنِ الصوت ، تصلُك إلى رضوان الله عز وجل ، وتُضفي على نفسك السكينة ، وعلى قلبك يقيناً وبرداً وسلاماً . كان صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع القرآن من غيره ، وكان صلى الله عليه وسلم يتأثر إذا سمع القرآن من سواهُ ، وكان يطلُب من أصحابه أن يقرؤوا عليه ، وقد أُنزل عليه القرآن هوَ ، فيستأنس صلى الله عليه وسلم ويخشع ويرتاح .
إنّ للقرآن سلطاناً على القلوب ، وهيبةً على الأرواح ، وقوةً مؤثرةً فاعلةً على النفوس ..! عجبتُ لأناسٍ من السلف الأخيار ، ومن المتقدمين الأبرار ، انهدُّوا أمام تأثير القرآن ، وأمام إيقاعاته الهائلة النافذة {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [ الحشر : 21 ] .
إنّ ضجة الحياة وبلبلة الناس ، وتشويش الآخرين ، كفيلٌ بإزعاجك ، وهدِّ قواك ، وبتشتيت خاطرك . وليس لك سكينةٌ ولا طمأنينةٌ ، إلاّ في كتاب ربك وفي ذكر مولاك {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[ الرعد : 28 ] .
* يأمر صلى الله عليه وسلم ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ، فيقرأ عليه من سورة النساء حتى إذا وصل لهذه الآية { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا} [ النساء : 41 ] ، بكى صلى الله عليه وسلم حتى انهمرت دموعه على خده ، ويقول : " حسبك الآن " .
* ويمرُّ بأبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وهو يقرأ في المسجد ، فيُنصت له ، فيقول له في الصباح : " لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك " قال أبو موسى : لو أعلم يا رسول الله أنك تستمع لي ، لحبِّرته لك تحبيراً .
* عند ابن أبي حاتم يمرُّ صلى الله عليه وسلم بعجوز ، فيُنصت إليها من وراء بابها ، وهي تقرأ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[ الغاشية : 1 ] تعيدها وتكررها ، فيقول : " نعم أتاني ، نعم أتاني
* ذاك علي بن الفضيل بن العياض يموت لمّا سمع أباه يقرأ { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * }[ الصافات : 24 ، 25 ] .
* وعمر رضي الله عنه وأرضاه ، ينهدُّ من سماعه لآية ، ويبقى مريضاً شهراً كاملاً يُعاد ، كما يعُاد المريض ، كما ذكر ذلك ابن كثير . { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى }[ الرعد : 31 ] .
* وعبد الله بن وهب ، مرّ يوم الجمعة فسمع غلاماً يقرأ : { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ ...}[ غافر : 47 ] ، فأُغمي عليه ، ونُقل إلى بيته ، وبقي ثلاثة أيام مريضاً ، ومات في اليوم الرابع [ ذكره الذهبي ] . وأخبرني عالمٌ أنه صلى في المدينة ، فقرأ القارئ بسورة الواقعة ، قال : فأصابني من الذهول ومن الوجل ما جعلني أهتزُّ مكاني ، وأتحرك بغير إرادة مني ، مع بكاءٍ ، ودمعٍ غزير . { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ
ما علاقة هذا الحديث بموضوعنا عن السعادة ؟!
إن التشويش الذي يعيشه الإنسان في الأربع والعشرين ساعةً كفيلٌ أن يُفقده وعيَهُ ، وأن يقلقه ، وأن يُصيبه بالإحباط ، فإذا رجع وأنصت وسمع وتدبر كلام المولى ، بصوت حَسَن من قارئ خاشع ، ثاب إليه رُشده ، وعادت إليه نفسه ، وقرّت بلابلُه ، وسكنت لواعِجه .
وهنا تحذير !لقومٍ جعلوا الموسيقى أسباب أُنسهم وسعادتهم وارتياحهم ، وكتبُوا في ذلك كُتُباً ، وتبجَّح كثيرٌ منهم بأنّ أجمل الأوقات وأفضل الساعات يوم يُنصت إلى الموسيقى ، بل إنّ الكُّتاب الغربيين الذين كتبوا عن السعادة وطردِ القلق ، يجعلون من عوامل السعادة الموسيقى . فسماعُنا للقرآن سماعٌ إيمانيٌّ شرعيٌّ محمديٌّ { تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ} [ المائدة : 83 ] ، والسماع للموسيقى سماعٌ لاهٍ عابث { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } [ لقمان : 6 ].