موضوع: إيه .. فيه ، وكلهم جرحوني ! الجمعة يوليو 22, 2011 12:05 am
فيه أحد يجرح وريده ؟ “ لا أمّل و أنا أسمع كاظم يردد مفضلتي ذات السطر الواحد ، وكأنه يستطعم الألم الذي أشعر به تجاه نفسي . “ فيه أحد يجرح وريده ؟! “ وبملئ انفاسي أردد : كثيرون هم .. خبئتم داخلي و لم أبصر النور بعدها . كثيرون هم .. بنو أعشاشهم في صدري .. وغادروها ، كثيرون هم .. من أسكنتهم و رحلو . كثيرون …. كثيرون ! و أعترف أني لم أعترف بذلك قط ، ولا أظنني على وشك . ” فيه أحد يجرح وريده ؟!! “ صراخك هذا لا يفي بالمطلوب .. فأنا ياسيدي الفاضل أكبر من أن تستلطفني بجمله ، و أصغر من أن اردد بعدها: ” إيه .. فيه ” .
لم تعد دور الأوبرا و الموسيقى الكلاسيكية تفي بالغرض ، ولم تعد فيروز بصوتها الملائكي تأخذني لأبعد من سمائي ، وعبد الحليم .. آهٍ يا ذاك الرجل ، لم يقتلني منذ عشرٍ سنين . و أنت بتَ مرهقاً لحملِ ذاكرتي المتعبةِ فوقَ كتفيك . و أنا .. ماذا عني ؟! هه . نسيت .. لا أذكرُ إلا أني بدأت أخبئني كثيراً في الآونةِ الأخيرة . أثقلتُ كاهلي بحكاياتِ ’ الغياب و الرجلِ الواحد ‘ .. حتى أن رجلي الواحد ضَجِرَ من تكرار الدور فيها . اممم .. ماذا أيضاً ؟! شتائي الدافئ بدأ يغفو تدريجياً ، ولم يعد لذيذاً كالسابق بل كئيباً جداً . يوقظ بي لعنات من كانو فبانو . و أحدهم يتغلغل عطره في كل مكان ، رائحته كشيءٌ ما .. له طعم الفقد.
آه .. تذكرت .. الفقد ! هذا الكائن الحاضر الغائب ، أتعلم أن لقائنا كان محض صدفة ؟! كنت في رحمِ إمرأةٍ مختلفة .. لم أسئله كيف إستطاع المرور ، فَالمهم أنه اتى ليقتل وحدتي .. أخبرني أنه لأجلي سيأخذ مني الكثير ، و ذكر لي بعض الأشياء التي لم أستطع تمييزها أو حتى تذكرها الآن . حكى لى كثيراً عن أمي .. أبي .. و جنينٌ كنتُ أحمله في احشائي .. أسمناه ’ أمل ‘.. قاسمني ذاكرته أيضاً .. - سخيفٌ هذا الذي يقاسمنا ذاكرته أليس كذلك ؟!
الفقد ياكاظم كالروايات البوليسيه .. تطول الأحداث المشوقه و سرعان ماتذبل معها الرواية .. ومع ذلك فهو أول من أضاف علامةً مميزة لـ “وريدي ” !
امممم .. لم لا تغني لي أغنيةً ذات سطرٍ واحد تتويجاً لِهذا الفقد ؟ أريدها .. عنهما وعنها . في سطري اليتيم أريد أن أبعثر النجوم ليهتدو ، و في أقصى اليسار محراب صلاة ، و في اليمين بساطٌ أحمر كلون الدم . والسماءَ تحتَ أقدامهم بغيوم زرقاءَ داكنة . الأرض .. لا أحبها كثيراً ، لذا لا تضفها كي لا تبتلعهم . و أريدُ وطناً فوق رؤوسهم . أما الفقد .. فأكرمه بكوب من القهوة فقط .. ليكن ضيف السطر .
بدأت اثرثر كثيراً عن الفقد .. لنتحدث عن شيءٍ جميل.. ولا تسألني مثل ماذا ; لأن إجابتي ستكون حتماً “أمي” .. فهي الأجمل على الإطلاق ، ولن أمّل من الحديث عنها . لذلك إختر موضوعاً ياصديقي ..
امم .. لنعبث بالأسئلة قليلاً . ألا تمّل مثلي من كلِ الأغنياتِ ؟ من الفقد ؟ من ترديدِ السطر الواحد ؟ من السطور المتكسرة ؟ من جرعات الحنين و الألم التي تبثها ؟ ألا تسأم من الأنفس المحتقنةِ بالبكاء ؟ ألم يعترض عليكَ أحدٌ من البشر بعد ؟
آهٍ يا كاظم.. مثقلٌ هو هذا الليل بالنقاط العليلةِ .. و إستفاهمكَ اللاواعي و بقايا أجابتي : ” إيه .. فيه ، وكلهم جرحوني ! “