موضوع: التفصيل في مساله طاعه ولي الامر الثلاثاء أغسطس 02, 2011 11:29 pm
التفصيل فى مسألة طاعة ولى الأمر
المقدمة إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ( صلى الله عليه وسلم) .أما بعد : فإن اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها . وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
فإن طاعة ولى الأمر من المسائل التى غابت على كثير من الناس ، فإن تمام الاجتماع لا يكون الا بالطاعة لولى الامر ، وقد اوصى به الله عز وجل فى قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [النساء : 59]
واوصى به النبى صلى الله عليه وسلم من حديث جَريرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ ( بايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَني فِيما اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكلِّ مُسْلِمٍ ) متفق عليه .
وفى هذا البحث بأذن الله سنوضح الحالات التى يطاع فيها ولى الأمر وإن ظهر منه شى ، ونوضح الحالات التى لا يُطاع ولى الأمر فيها ، ونبين حكم وكيفية النصيحة لولى الامربالدليل من كلام الله جل وعلا وكلام النبى صلى الله عليه وسلم.
وكتبه [b]ابو يحيى محمد بن حجاج
26 محرم 1431 هـ .
أولاً : الحالات التى يطاع فيها ولى الأمر وإن ظهر منه شى مكروه :
(ب) ان يكون ذو معصية او مخالفة او صفة سيئة فهذا يُطاع :
فعن ابن عباس عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) متفق عليه .
(جـ) ان يكون ظالماً وجائراً فهذا يُطاع :
فعن حذيفة رضى الله عنه قال : عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ : ( يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ) رواه مسلم .
ثانياً : الحالات التى لا يُطاع ولى الأمر فيها :
(أ) أن يكون ولى الأمر غير مسلم فهذا لا يُطاع :
قال الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) [النساء : 59] اى من المسلمين ، قال محمد بن شاكر الشريف (النصوص وغيرها الكثير تأمر المسلمين بالسمع والطاعة للأمير وذلك بشرطين: أن يقودهم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وألا يأمرهم بالمعصية، وهذا لا يكون إلا من المسلم، إذ غير المسلم لا علم له بالشرع حتى يقودهم به، ولا رغبة عنده في الحفاظ عليه تحجزه عن الأمر بالمعصية ) ا.هـ .
وحكى الإجماع على ذلك غير واحد فقال القاضي عياض: ( أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل فالعلماء مجمعون على أنه لا يجوز عقدها لكافر ابتداء، ولو كان وقت العقد مسلما ثم طرأ عليه بعد ذلك الكفر انعزل عن ولايته ) .
وقال ابن حجر: ( ينعزل بالكفر إجماعا، فيجب على كل مسلم القيام في ذلك، فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض ) .
(ب) أن يأمر بمعصية فلا يُطاع فى تلك المعصية خاصة :
قال الحافظ بن كثير رحمه الله ( وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شىء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع فى ذلك الكتاب والسنة ) ا.هـ ، ولم يذكر الله عز وجل أولى الأمر عند الأختلاف لأنهم ليسوا اصولاً يُرجع اليهم عند الأختلاف فدل على جواز النصيحة لهم .
حديث جَريرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ « بايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَني فِيما اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكلِّ مُسْلِمٍ » متفق عليه .
حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضى الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ » رواه مسلم .
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ » رواه مالك فى الموطأ وأحمد فى المسند .
حديث زيد بن ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِن[size=25][size=21]َّ قَلْبُ الْمُؤْمِنَ : إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، والنصيحة لولاة الأَمْرِ ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تَكُونُ مِنْ وَرَائِهِمْ » رواه بن حبان وغيره بسندٍِ صحيح .[/size]
قال العلامة ابن بطال : ( وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فهى على قدر الجاه والمنزلة عندهم ، فإذا أمن من ضرهم فعليه أن ينصحهم ، فإذا خشى على نفسه فحسبه أن يغير بقلبه ، وإن علم أنه لا يقدر على نصحهم فلا يدخل عليهم ، فإنه يغشهم ويزيدهم فتنة ويذهب دينه معهم ).
(ب) كيفية النصيحة لولى الأمر :
حديث أُسَامَةَ بن زَيْدٍ : قال قِيلَ له ألا تَدْخُلُ على عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فقال « أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إلا أُسْمِعُكُمْ والله لقد كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مادُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ من فَتَحَهُ ولا أَقُولُ لِأَحَدٍ يَكُونُ على أَمِيرًا إنه خَيْرُ الناس » . رواه مسلم
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم (18/118) قوله : ( أترون أنى لا أكلمه إلا أسمعكم وفى بعض النسخ الا سمعكم وفى بعضها أسمعكم وكله بمعنى أتظنون أنى لا أكلمه الا وأنتم تسمعون يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء فى الملأ كما جرى لقتله عثمان رضى الله عنه وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرا وتبليغهم مايقول الناس فيهم لينكفوا عنه وهذا كله اذا أمكن ذلك فان لم يمكن الوعظ سرا والانكار فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق ) ا.هـ
وقال الإمام بدر الدين العيني في شرحه على صحيح البخاري المسمى عمدة القاري (15/166) ( فيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرا وتبليغهم قول الناس فيهم ليكفوا عنه هذا كله إذا أمكن فإن لم يمكن الوعظ سرا فليجعله علانية لئلا يضيع الحق ) ا.هـ .
حديث عياض بن غنم رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، ولكن يأخذ بيده فيخلوا به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه » . رواه أحمد وغيره بسند صحيح .
قلت : وفيه إستحباب نصيحة السلطان فى السر ، فنصيحة السر مُحتملة القبول فى الغالب ، لأن النصيحة فى العلن قد تجعل فيه قلبه شىءٌ من الناصح فلا يقبلها .