موضوع: آلــآصل فــي آلــنكَــآآح آلتعدد آمًٍ آلــآفرآد و آلــحًٍـــكًــمة مــن تــعدد آلــنبي السبت يوليو 23, 2011 11:07 am
الأصل في النكاح التعدد أم الأفراد والحكمة من تعدد النبي
قال الله تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ثم نعرف خلافا بين العلماء، هل الأصل في النكاح التعدد، أم الأصل الإفراد، فالذين قالوا: الأصل التعدد قالوا: إن الله تعالى بدأ به في هذه الآية مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ وأما الإفراد فقال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً .
والذين قالوا: إن الأصل الإفراد قالوا: إن العدل شديد وثقيل على الكثير، ودليل ذلك قول الله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ أي أنه شديد، وإذا كان شديدا فالاقتصار على الواحدة أولى؛ لذلك قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً مع قوله:وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ إذا مال أحدهم إلى إحدى امرأتيه بقيت الأخرى معلقة، لا أيما ولا ذات زوج تتألم وتلاقي من الصعوبات الشيء الكثير؛ فلذلك فضلوا الاقتصار على الواحدة. ولكن بكل حال الأحوال تختلف، والقدرات تختلف، فمن وثق من نفسه بأنه يعدل بين المرأتين أو الثلاث أو الأربع، ويعطي كل واحدة حقها؛ فإن الأصل في حقه أن يعدد.
وفي ذلك فوائد منها: كثرة من يعفه من النساء، يعف هذه وهذه وهذه، ومن الفوائد أيضا كثرة من ينفق عليه، ينفق على أولاده وينفق على بناته وينفق على زوجاته، من الفوائد أيضا تكثير النسل، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ومنها أيضا: تحقيق ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في أسباب الخيرية بقوله: فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.
ثم ذكروا العلماء في كل زمان. فإذا كان كذلك، أضيف إلى ذلك أن الرجال يعتريهم الموت والغزو، وكثرة التعرض للقتل للأشخاص وما أشبه ذلك يحدث الموت فيهم كثيرا، ويحدث القتل؛ فيبقى كثير من النساء بدون أزواج، فمن حكمة الله تعالى أن شرع التعدد؛ حتى لا يبقى أحد من الأيامى بدون زوج يعفها، ويحصل لها منه أولادا ويكون لها منفعة في وجود الأولاد والذرية الصالحة الذين ينفعونها في الحال وفي المآل.
فلذلك ورد هذا الحديث: أن خير هذه الأمة أكثرها نساءولكن ذلك مشروط بما ذكر وهو التحقق من العدل، وإعطاء كل امرأة حقها ونصيبها. ففي هذه الأحاديث أنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه يفضل أو يحث على كثرة الزواج، وكثرة النساء.
أما هو -صلى الله عليه وسلم- فأباح الله له ما لم يبح لغيره من أمته؛ أباح له النكاح مدى الأجل حتى اجتمع عنده تسع نسوة، فمجموع الذي تزوجهم إحدى عشرة، وأما الذين اجتمعوا عنده فإنهن تسع وكان من بينهن سودة بنت زمعة وهي أول من تزوج بعد خديجة وهي كبيرة في السن، ففي آخر حياته خافت أن يطلقها وأحبت أن تبقى مع نسائه؛ لتكون زوجة له في الآخرة فاصطلحت على أن تتنازل عن ليلتها، وأن تهب ليلتها لعائشة .
لما رأت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب عائشة فعند ذلك كان يقسم لعائشة ليلتين، يقسم لثمان، والبقية إنما لكل واحدة ليلة؛ أي من السبع، فيدور عليهن في كل تسعة أيام إلا أنه يجعل لعائشة ليلتين، وكان يجتهد في العدل، تقول عائشة : كان -صلى الله عليه وسلم- يقسم فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب؛ فإن التسوية في المحبة القلبية غير مقدور عليها، فالله تعالى هو الذي يضع المحبة في القلب.
قال الله تعالى: إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ إلى آخر الآية، ثم قال تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ تقول عائشة لما نزلت هذه الآية قلت: أرى ربك يوافق على هواك، أي ما تتمناه وما تهواه، ثم إن الله تعالى منعه من أن يتزوج غيرهن في الآية بعدها؛ لقوله: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ يعني بهذه الأزواج أزواجا غيرهن ولو أعجبك حسنهن. فأمسك نساءه اللاتي أحل الله تعالى له.
ثم إن كثيرا من الأعداء في هذه الأزمنة يطعنون فيه ويقولون: إنه شهواني وإنه ليس له هم إلا النكاح، وأنه منع أمته من التعدد، وأباح لنفسه هذا العدد، وأنه ليس له هم إلا شهوة فرجه؛ فيعيبونه في ذلك، وإذا نظرنا في سيرته وإذا هو لم يفعل ذلك لإرضاء الغريزة الشهوانية، ولكن لحكمة أو لحكم؛ وذلك لأن السنة والشريعة تنقسم إلى قسمين: قسم يعرفه الرجال، ويحفظونه، وقسم يختص بالنساء؛ فجعل الله تعالى زوجاته ينقلن السنة التي تختص بالنساء فيما يتعلق بخصائص النساء وحاجاتهن، هذا من الحكمة؛ أن جعل الله له هذا العدد حتى لا تضيع السنة، والشريعة فيما يتعلق بقسم النساء في أمور الحيض وفي أمور النفاس، وفي أمور الطهر والاغتسال، وكيفيته، وما لا يطلع عليه الرجال، وما أشبه ذلك.
ولأجل ذلك حفظ عن نسائه كثير من السنة، روت عائشة الكثير، حتى زادت أحاديثها على الألف أو قاربت الألفين، وكذلك أم سلمة وكذلك كثير من نسائه، روين الأحاديث لم يروها الرجال. ونرد عليهم في قولهم: إنه شهواني، نقول: لو كان كذلك لكان يختار أجمل النساء، ويختار أبكارا؛ فإنه لم يتزوج بكرا إلا عائشة كل نسائه ثيبات، يعني من المطلقات أو المتوفى عنهن، وأنه أيضا تزوجهن جبرا لأنفسهن، فتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان لما مات زوجها وهي بالحبشة، فرأى أن يتزوجها؛ لأجل أن ينجبر ما حصل لها من موت زوجها، وتزوج أم سلمة لما مات زوجها بعد أن هاجرت معه إلى المدينة وكانت ذات أطفال، فتزوجها لأجل أن يجبرها. وكذلك تزوج جويرية بنت الحارث لما أنها سبيت مع سبي بني المصطلق، وكانت بنت أحد رئيسهم أو شريكهم، وعلم أن الصحابة سوف يعتقون سباياهم، ولما تزوجها أعتق نحو مائة بيت من سبي بني المصطلق وقالوا: أصهار رسول الله-صلى الله عليه وسلم-. وكذلك تزوج صفية بنت حيي ؛ لأنه قتل أبوها، وقتل أيضا زوجها، فأراد أن يتزوجها ولو كانت من السبي؛ ليكون ذلك أيضا تأليفا لها وجبرا لها، وكذلك يقال في سائر زوجاته -صلى الله عليه وسلم- أنه تزوجهن لحكمة، وأنه لو أراد أن يتزوج أبكارا لوجد كثيرا. تزوج أيضا حفصة بنت عمر لما مات أيضا زوجها، وليكون بينه وبين أبيها عمر بن الخطاب صلة رحم ومصاهرة وكما حصل لأبي بكر . كل ذلك دليل على أنه يحرص على المودة وعلى الرحمة، وعلى التأليف، وعلى إيصال الخير إلى مستحقيه، كل ذلك ظاهر في سنته -صلى الله عليه وسلم