تخيل انك نائم واستيقظت ولم تفتح عينيك بعد طبعا سهل جدا ان تفهم ان كنت نائم على جانبك الايمن ام الايسر ام على ظهرك ام على بطنك
هل فكرت كيفية وصول المعلومة الى عقلك؟ او كيف فهم المخ انك نائم على هذاالجانب او ذاك
بل كيف سيفهم المخ موضع سقف الغرفه من ارضها؟ لا تظن الموضوع سهلا
تخيل نفسك تصنع انسان آلى وتكتب برنامجه الكمبيوترى وتريد ان تعرف اتجاه الارض من اتجاه السقف ثم تخيل انك تريد ان تعرف هل وضع جسم الانسان الالى متوازن ام مائل اكيد ستحتاج الى جهاز حساس يرسل اشاره مستمده من ثقل يتجه للارض بفعل الجاذبيه او يرسل اشاره بناء على حركه سائل فى قنينه ترسل الاشارات طبقا لاستطراق السائل و استواءه او ميله وارتجاجه ربما سنحتاج شيئا قريبا من الاذن الوسطى للانسان مثلا
الحقيقه ان المخ يستقبل مثل هذه الاشارات تماما واى اختلال فى الاحساس فى الاذن الوسطى لن تعرف راسك من رجلك ولن تعرف حتى ان تتزن وتقف
المهم افرض ان قررت ان تقوم ماذا سيحدث؟ ستقوم طبعا هكذا ببساطه؟؟!!!!!!
ان قيامك من السرير الى وضع الوقوف يحتاج الى عمليات معقده جدا من اتزان متعدد المراحل الى حركه عشرات العضلات فى تناسق مذهل عضله تسلم عضله وعضله تساند عضله يد تستند عليها حتى تعتدل ووسطك يميل حتى يحافظ عليك من السقوط وسيقان تتحرك بعشرة عضلات على الاقل من الفخذ حتى مشط القدم
انت طبعا لا تعلم البناء الفيزيقى المبنى عليه هذا الفعل المعقد ولكن المخ تمرن عليه تلقائيا اثناء الطفوله واثناء تعلم المشى وصار المخ يصدر الاف الاوامر العصبيه الى العضلات وفى مواقيت غايه فى الدقه حتى تستطيع مجرد ان تحرك يدك
غنى عن الذكر انه اذا تلفت اى عضله او تلف الجزء المصدر للاوامر فى المخ او تلف الاتصال العصبى بين المخ والعضلات فهذا معناه الشلل لنقل ان هذا هو الشلل الميكانيكى شلل فقدان الروابط الفيزيقية
لكن لاحظ ان الذى امر المخ برفع اليد ابلغه الامر ولم يهتم بمتابعه ولا بوسيلة كيف سيرفع اليد لقد امره وتركه يتصرف تماما مثل المدير يقول لمرؤوسه افعل كذا فيفعل دون حتى ان يفهم المدير كيف فعلها
واضح جدا ان المخ لا يملك رفض تنفيذ الاوامر ابدا اذا كانت الاجهزه والتوصيلات سليمه فلا بد ان ينفذ بل الحقيقه انه ينفذ دائما واذا لم يتم الفعل يكون هذا راجع لخلل الاعضاء وليس لعصيان المخ
ويبقى السؤال من الذى يأمر؟ انا؟ ما وسيلتى للامر؟
الاراده (انا) لدى اراده
و(انا) اصلا جزء منفصل عن جسدى وعن مخى وعن يدى ورجلى (انا) اصلا متركب فى هذا الجسد ولكنى لست منه وليس منى لو غيرت قلبى مثلا بعملية جراحية فلا زلت انا هو انا
والاراده هذه منحه اخرى هى متعلقه بالانا ولكنها بالتاكيد ليست من خصائص الانسان الطبيعية الازليه
تخيل انك كما انت واعضاءك كلها سليمه عينك ترى المرئيات واذنك تسمع الصوتيات وجلدك ينقل الاحاسيس وكل شئ يعمل تمام ولكن ليس لك اراده على اعضاءك لست مشلولا ولكن الاراده غير موجوده
تخيل ان اعضاءك تخضع لاراده اخرى تتحرك وتقوم وتجلس وتنام وتاكل وتشرب وتتكلم وتناقش وتفعل كل شئ استجابه لاراده غير اراده الانا بتاعتك
الموضوع حقيقى لا تتعجب انظر مثلا حقل به برسيم حصان يتمشى فى الحقل الحصان جاع هل هناك اى احتمال ان لا يأكل الحصان البرسيم؟ لماذا نظن ان الحصان قرر ان يأكل فاكل؟ ان ذات الحصان لا يمكن ابدا ان يقرر ان لايأكل بل انه لا يستطيع ان يقرر الا يأكل اذا فلا اراده له لقد وجد سيقانه تسير الى البرسيم وراسه تنحنى عليه واسنانه تقضمه وفمه يلوكه ومعدته تتلقاه وليس لديه وسيله لمنع هذا
لاحظ الفرق عندما نصوم رمضان نفس الموقف تماما ولكن لا نأكل الاراده موجوده اذا
لكن كيف نفسر تصرفات الحيوانات المنطقيه التفسير ان المخلوقات لها اراده فطريه غريزيه مركبه داخلها اراده كانها نسخ متطابقه او الاصح متشابهه لكل نوع حيوان هذه الاراده الغريزيه مبرمجه لهدف أولى بسيط هو الحفاظ على حياة هذا المخلوق فقط وبعض الاهداف الاخرى العجيبه كالتذليل للانسان مثلا انما الانا بتاعة الحيوان نفسها لا اراده لها
لاحظ ان الاراده الغريزية هذه موجوده لدينا ايضا بالرغم ان لنا اراده عليا ولكن بقايا الاراده الغريزية موجوده لدرجه انى اشعر احيانا ان بعض اداء الاراده العليا لدينا هى لمقاومه الاراده الغريزية
مثلا تخيل انك ثقيل الوزن وقررت تعمل رجيم يوم والثانى ثم رأيت أكل وانت جوعان وأكلت لماذا لا تفكر انك اكلت تنفيذا للاراده الغريزية وليس للاراده العليا انا ارى ان الاراده العليا مازالت لا تريد لك الاكل وانها قبل هذا كانت تقاوم الاراده الغريزية التى مهمتها رفع الالم عنك ألم الجوع فى حالتنا
حتى نحن نقول ان هذا ضعف اراده
مشهد اخر واضح جدا يدك اصابها لهب وانت لا تشعر تجدها تحركت بعيدا عن اللهب تلقائيا بدون ان تقرر انت ذلك ما الاراده التى حركتها؟ انها الاراده الغريزية المهتمه بالحفاظ عليك من التلف
اذكرك بالايه رقم 72 فى سورة الاحزاب اللتى يخبرنا الله فيها انه عرض الامانه على الجبال والسماوات والارض وأبين ان يحملنها وحملها الانسان معظم المفسرين يقولون ان الامانه هى العقل لان الانسان هو المخلوق الوحيد العاقل
الحقيقه انى لم افهم هذه الايه ابدا انها تتكلم عن العقل اعتقد بشده انها تتكلم عن الاراده لقد عرض الله الاراده على المخلوقات فأبين ان يحملنها لكن فى المقابل اتخيل ان كل المخلوقات فعلا لها عقل
اذكرك بالايه 18 فى سورة النمل النمله تعرف ان سليمان وجنوده سيدهسوهم ليس هذا فقط بل تعرف انهم سبفعلون هذا وهم لا يشعرون هذا عقل بالتاكيد
ولكن النمل يندهس منذ بدء الخليقه والحيوانات تقع فى الفخوخ دائما والسمك يعلق فى السنانير دائما اليس هذا فقدان للعقل؟
لكن ربما يكون المخلوق الواقع فى الفخ له عقل ولكن ليس له اراده وهو قد تعود على انه ليس له اراده فيرى نفسه ذاهبا الى الفخ ولا يملك منع اعضاءه من الذهاب يحدث هذا فقط لان الاراده الغريزية التى تسيطر على اعضاءه لم يتم ترجمه الفخوخ فيها وربما نجد حيوانا اخر ارادته الغريزية تم برمجه الفخوخ فيها او تم ترجمه التعلم من رؤية حيوان آخر وقع فى الفخ فلا يقع هذا الحيوان ابدا فى الفخ
ساقول لك مثلا آخر مدهشا الجمل يركبه الصبى ويحركه يمينا ويسارا ويجلسه ويقيمه وهو يستجيب لكن نفس الصبى لو فعل هذا مع ذئب لعقره
ما الفرق؟ انها فروق فى شفرة الاراده الغريزية بين النوعين فروق فى البرمجه
فعلها الله هكذا عند بعض المخلوقات لتكون فى خدمه الانسان الحصان والحمار والجمل والبقر والثيران والكلاب الخ كل مخلوق من هؤلاء قد لا يرضيه (عقلا) تحكم الانسان فيه ولا يرضيه (عقلا) استجابته لهذا التحكم ولكنه مجبر عليه فالاراده التى تحرك اعضاءه لا يسيطر هو عليها
احيانا ايضا اظن ان المجنون ليس من فقد عقله ربما يكون هو من فقد ارادته فصارت اعضاءه تتحرك بالاراده الغريزية فتقتصر افعاله المنطقيه على الاكل والشرب والفرار من الالم
تخيلوا لو ان هذه النظريه صائبه وان عقله لم يمس وفقط فقد ارادته ماذا سيكون موقفه وقتها ؟ تخيلوا كميه الغيظ والقهر الذى سيشعره بمجرد فقد الاراده وخروج جسده عن سيطرته
الان تذكروا يوم القيامه ماذا سيحدث؟ سيسترد الله الامانه وسنصير بلا اراده وستتحكم فى اعضائنا اراده اخرى
سنتحرك للحساب فوق الصراط بارادة الله ولن يكون هناك مقاومه وسنرى اعضائنا تحدث ربها بما فعلناه ولن نستطيع منعها نعم لقد ذهبت ارادتنا الى خالقها اليس هذا ما اخبرنا به الله
وقتها سبقول البعض منا ليتنا كنا ولدنا بلا اراده ادعو الله الا نكون من هؤلاء