قولوا
للعاصي يا من عصيت الله من أنت ؟ ومن تكون إلى جوار الأرض بما فيها من
جبال وأشجار وأنهار وغيرها ، من أنت إلى جوار السماء بأفلاكها ونجومها وما
فيها ؟ فهل علمت أن الأرض والسموات أدركت عظمة ربها وأنها لا تقدر على
عصيانه وغضبه واستمع للذي خلقك وصورك يخبرك عن ذلك بقوله : }ثُمَّ اسْتَوَى
إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا
طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ{.
*
قولوا
لمن يتلذذ بغير طاعة الله كيف تبغي غير ما شرعه الله لك وكل من في السموات
والأرض اسلموا لربهم ؟ كيف تشذ عنهم؟ استمع لعتاب ربك لك ولأمثالك إذ يقول
: }أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ{.
*
يامن
يسكنون بين هذه الجبال الشاهقة قولوا لمن يعصي الله قف إلى جوار أحد هذه
الجبال وتأمل كيف يكون حالك فيما لو سقطت صخرة عظيمة منها على رأسك ؟ ماذا
تفعل بك ؟ فمن أنت إلى جوار هذا الجبل العظيم ؟ هذا الجبل انهد واندك من
عظمة الجبار واستمع لذلك في كتاب ربك إذ يقول سبحانه }وَلَمَّا جَاءَ
مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ
إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ
اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ
لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ
سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ{. هذا الجبل
يندك من عظمة الله ،هذا الجبل بصخاره الصماء يقف خاشعاً متصدعاً أمام كلمات
الله }لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ
خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ
نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{7) فهل قطعة لحم في جسدك
الضعيف المسكين تكون أشد قوة وصلابة من تلك الجبال؟ أم أنها ضعفت فيها
عظمت الله ولم تقدر الله حق قدره ؟
*
قولوا
لمن عصى الله أين أنت من النار العظيمة المتأججة التي أوقدت لحرق نبي الله
إبراهيم فما ملكت يوم أن أمرها ربها بقوله }يَانَارُ كُونِي بَرْدًا
وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ{ إلا أن أطاعت ربها وخالقها فكانت برداً
وسَلإمَاً على إبراهيم .
*
قولوا
للعاصي أين أنت من البحر الأجاج الذي ما تمالك يوم أن أمره ربه أن يكون
طرقاً يبساً لموسى ومن معه إلا أن أطاع أمر ربه ومولاه ؟ أين أنت من القمر
الذي يوم أن أمره ربه أن ينشق آية لرسولنا r
فما تمالك إلا أن ينشق كما أمره ربه ؟ أين أنت من عصى موسى التي يوم أن
يأمرها ربها تتحول إلى حية تسعى ويوم يأمرها ثانية تعود عصى جماد لا حياة
فيها ؟
*
قولوا للعاصي
أين أنت من حوت يونس بن متى الذي ابتلعه يوم أن أمره الله أن يبتلعه ، ثم
أخرجه يوم أن أمره الله أن يخرجه ؟ قولوا له أين أنت من خلق الله گلـَہ فكل
ما في هذا الكون في حالة عبودية دائمة لله واستمع لربك يخبرك عن ذلك بقوله :
}تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ
تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا{؛ وبقوله جل في علاه :
}أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ
فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ
وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ
عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ
اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ{. هذا الكون گلـَہ حيوانه وجماده ونباته في
عبودية لله أترضى أن تكون أنت وحيداً فريداً طريداً مع العاصين ؟
*
قولوا
للعاصي عصى قبلك قوم نوح فما كانت نهايتهم ؟ عصى قبلك قوم عاد فما كانت
نهايتهم ؟ عصى قبلك قوم لوط فما كانت نهايتهم ؟ عصى قبلك فرعون فما كانت
نهايته ؟عصى قبلك قارون فما كانت نهايته ؟ فمن أنت إلى جوار هذه الأعداد من
البشر العاصين الذين أتموا بإبليس في معصيتهم لربهم ؟ من أعطاك الأمان بأن
لا يصيبك ما أصابهم ؟ دعك من وعود إبليس فقد أخبرك ربك بقوله }يَعِدُهُمْ
وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا{. هل تعلم
أنه غداً سيتنصل من وعوده تلك لك أستمع لربك الرحيم ينبئك عن ذلك بقوله :
}وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ
وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي
عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا
أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ
قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{.أرأيت متى يتخلى عنك
بعد أن يقع الفأس في الرأس ولا يمكنك التراجع والعودة ؟ فما رأيك إني اقترح
عليگُ أن تعود الآن إلى ربك من هذا المكان وفي هذا الشهر وهذا ربك فاتح لك
بابه لتلجه وتكون في زمرة التائبين الذين يحبهم الله }إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ{.هاهو يناديك بنداء
ملؤه المحبة فيقول }قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{. فهل تعود أم
تكون ممن قال الله فيهم : }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{.